تخيّل بأنك فُزت اليوم بجائزة اليانصيب والتي قدرها 20000 $، السعادة الآن تغمرك فالحظ لا يبتسم للأشخاص إلا نادرًا، ذهبت مسرعًا لإحضار الجائزة، ولكن عند وصولك إلى مكتب توزيع الجوائز، عرض عليك مُقدم الجائزة أو مدير اليانصيب اقتراحين، الأول أن تحصل على الجائزة الآن والتي قدرها 20000 $ أو أن تنتظر اسبوع وستحصل على 21000$، هنا ماذا ستختار؟! 

الكثير منّا قد يختار أن يحصل على الجائزة الآن وفورًا، متخذًا من مقولتي "عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة" مبدأ يسير عليه، ما قمنا به يُسمى في علم النفس والاقتصاد السلوكي بانحياز الخصم المغالي Hyperbolic Discounting وأيضًا يُطلق عليه انحياز الحسم القريب، يقصد به أن الإنسان يميل إلى أن يربح فورًا - حتى لو كان الربح قليلًا - على أن يأتي الربح في وقت متأخر - حتى لو كان كبيرًا، فمثلًا نجد بأن الشخص يميل إلى أن يحصل على مكافآة فورية حتى لو كانت صغيرة على أن تأتي المكافآة في وقت لاحق ولو كانت كبيرة.

لو فكرنا بالأمر قليلًا وتساءلنا لماذا نقع ضحية لانحياز الخصم المغالي Hyperbolic Discounting؟ بالطبع قد يكون السبب في أننا لا نعلم ما الذي سيحصل غدًا وماذا يخبيء لنا في جعبته! كما أننا نفتقد خصلة الصبر في عالم متقلب يشهد تغييرات في كل لحظة، فلا يمكننا أن نجلس وننظر إلى الساعة، فالانتظار لا يعجل مرور الوقت و لا يشدّ من أزر آمالنا نحو الحصول على مكافأة أو ربح في المستقبل.

لكن ما علينا معرفته بأن الانسان قد يفضل أن ينتظر من أجل نصيب أفضل في حال كان الخياران يستلزمان منا الانتظار بمعني أنه يمكنني أن أنتظر شهرين من أجل الحصول على مبلغ قدره 3000 $ أفضل من أن ننتظر شهر للحصول على مبلغ 2000$.

بالتأكيد انحياز الخصم المغالي يمكن أن يكون ضارًا في العديد من جوانب حياتنا، فربما نفوت فرصًا جيدة في المستقبل القريب من خلال اتباعه، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وسأطرحه عليك، كيف يمكننا أن نتجنب هذا الانحياز؟ وقبل كل ذلك، هل وقعت تحت هذا التأثير في فترة ما؟