تعتبر نظرية التطور من أكثر النظريات المثيرة للجدل ،ولقد قرأت قصة عنها وأحببت مشاركتها معكم، القصة:

"في لقاء لاتحاد تقدم العلوم تساءل ولبرفورس ساخرًا عما إذا كان هكسلي ينتسب من جهة جده أو جدته إلى القرود، وأكد هكسلي أنه لا يخجل من انتسابه إلى القرود، فذلك أفضل من الانتساب إلى رجل يتكلم عن شيء لا يفهمه! ومع ذلك، ظلت “حكاية القرد” تلاحق الاختزال الشعبي لنظرية التطور حتى الآن.

حسنا بالنسبة للتطور، فقد قرأت كثيرًا عنه وشاهدت العديد من المحاضرات والمناظرات التي تناقش هذه النظرية المثيرة للصداع سواء بالقد والتكذيب أو بالمدح والتمجيد لكن أعتقد أنني لن أكوِّن رأيًا واضحًا عنها قبل أن أردسها درسًا منهجيًَّا، ثم أدرس الاعتراضات – العلمية بالطبع – الموجّهة لها.

أما إذا واظبت على هذا المنوال فببساطة سأقتنع بالجانب الذي أصغى إليه أكثر.

أعجبني جدًا الفصل الخاص بالحوار “المتخيَّل” بين داروين والتمساح العجوز، فبرغم من أن الفكرة تبدو سخيفة لأول وهلة، إلا إنه كان حوارًا ممتعًا ومثمرًا خصوصًا وأنه قد جمع كل ما قاله المؤلف في القصة الثانية – التطور، فقد اختزل العديد من القضايا العلمية والاجتماعية المهمة في هذا الحوار الصغير.

لكن لا أعتقد أن هذه كانت الطريقة التي يتحدَّث بها داروين، وأظن أن من قرأ أية رسائل أو تدوينات لداروين سيوافقني الرأي. أيضًا لا أظنه يهتم كثيرًا بالسياسة كما أظهره المؤلف في الحوار المتخيَّل.

والحقيقة إنني أعتقد أن التطور لم يظلم من رافضيه فقط، ولكن من أشدّ مؤيديه. وإذا كانت الركيزة الأساسية للجدال والانقسام تتمثل في علاقته بالدين، فإن موقف الرافضين يمكن تبريره؛ لأنهم يخافون على إيمانهم. وكمؤمنٍ مثلهم، أري أن هذا حقهم. أما المؤيدون، الذين يغالون في الربط بين التطور ومواقفهم الإلحادية واللادينية، فهم يضرون بالعلم، ويشتركون مع المؤمنين في خلط الأوراق بين منهجين مختلفين: منهج الدين ومنهج العلم."