هذا التحيز تحديدا من أحد التحيزات النفسية المحيرة بعلم النفس بالنسبة لي، فعلى الرغم من أن لها جانب سلبي كما سنذكر لاحقا، لكن الجانب الإيجابي لا يمكن إغفاله.

فهذا التحيز ببساطة يجعلنا نتحيز لذواتنا ونقدرها ونرجع لها السبب في أي نجاحات أو إنجازات نحققها، لهذا الحد أجد الأمر نوعا ما طبيعي ويمارسه أغلبنا، فمن ينجح يُرجع نجاحه لاجتهاده وسهره للمذاكرة، من يفوز بمقابلة عمل يُرجع ذلك لذكائه بالمقابلة واستحواذه على إعجاب المسئول.

الجانب السلبي هو عند إخفاقنا نلقي اللوم على العوامل الخارجية، فإن حصلت على درجات منخفضة فالأسئلة معقدة والمدرس لم يكن يشرح جيدا، فقد ذاكرنا طوال الليل بجد، لم نفكر في أن من الممكن أن تكون آلية المذاكرة غير صحيحة، وأن التحصيل قد يكون منعدم رغم السهر طوال الليل، وبدأنا في إلقاء اللوم على الأسباب الخارجية.

ومن مزايا هذا التحيز أنه يقودنا إلى المثابرة حتى في مواجهة الشدائد، فقد يشعر العامل العاطل عن العمل بحافز أكبر لمواصلة البحث عن عمل إذا عزا عطلته إلى اقتصاد ضعيف، على سبيل المثال، بدلاً من بعض الفشل الشخصي. أيضا قد نشعر بدافع أكبر للأداء الجيد إذا اعتقدنا أن فشلنا خلال حدث سابق كان نتيجة لسبب خارجي وليس نقص المهارة، مما يحمي الشخص من الإصابة بالإحباط أو اليأس وعدم الإيمان بقدراته، لكن ألن يكون حائلا بين الشخص وبين إدراكه للسبب الحقيقي للإخفاق مما يمنعه من معالجته بطريقة صحيحة؟!

ومع الدراسة العميقة لهذا التحيز وجد الباحثون أن هناك تفاوت بين ممارستنا للتحيز حسب العمر، فالأشخاص الأكبر عمرا أقل ممارسةً له قد يكون ذلك بسبب عامل الخبرة، أيضا حسب الجنس فالرجال يميلون دوما لإلقاء اللوم على إخفاقهم في أمر ما على العوامل الخارجية أكثر من النساء اللاتي يلمن أنفسهن دوما إن أخفقن بأمر ما.

هذا يقودني لاستنتاج أن الرجال يقدرون ذواتهم أكثر من النساء، وهذا قد يفسر نوعا ما نتائج الإحصائيات التي دوما ما تشير إلى انتشار الأمراض النفسية بين النساء أكثر من الرجال.

فعموما مرضى الاكتئاب والقلق يعزون دوما فشلهم لأسباب داخلية ويلومون أنفسهم بدرجة كبيرة، لذا قد يكون هذا التحيز أحد الوسائل للوقاية من بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب.

لكن إن مارسناه أيضا دون حدود فنصبح لا نرى أحد سوى أنفسنا وقدراتنا الخارقة، وقد نتحول لأشخاص نرجسين لا نقدر سوى أنفسنا، وسيؤثر ذلك على علاقاتنا سواء بعائلتنا أوأصدقائنا أو حتى ببيئة العمل فسننسب كل نجاح وتميز لذاتنا دون الفريق وهذا سيخلق بيئة عمل سيئة.