في إحدى ليالي الشتاء الباردة من شهر نوفمبر عام 1938 في بريطانيا، إنقطع البث الإذاعي بشكل مفاجئ لإذاعة خبر عاجل عن غزو كوكب الأرض من قبل سكان المريخ، أصيب المواطنون بالذعر ثم أعلنت هيئة الاذاعة أن الخبر كان مستوحى من عمل فني باسم حرب العوالم، الغريب في الأمر أن المواطنون لم يصدقوا الخبر وأعتبروها مؤامرة للتغطية على غزو المريخيين! أصبحت تلك الواقعة دليلا لكثير من الأبحاث والدراسات حول تأثير وسائل الإعلام في الجماهير.

تؤثر وسائل الإعلام في الجمهور بطرق مبرمجة ومدروسة يطلق عليها خبراء الدعاية مصطلح "هندسة الجمهور" والتي تعني بتغيير قناعات وتوجهات الجمهور وإعادة تشكيل وعيهم وسلوكياتهم مستخدمين في ذلك بعض الطرق القائمة على دراسة السلوك البشري وطريقة تفكير الجماهير معتمدين في ذلك على ثلاث خطوات رئيسية هي التوظيف والتعديل والتنميط.

في عالم اليوم، أصبح الإعلام مرجعا هاما لإدراك الواقع وبناء تصوراتنا ومواقفنا وأفكارنا، بالتالي أصبح من الصعب على أغلب الجمهور تصديق أي إتهام للإعلام، فلو صدقها لن يجد من يزوده بالمعلومات، كما أنه سيصبح متشككا في مواقفه وأفكارهـ وهذا يضع عليه عبء البحث عن مصادر أخرى للمعلومات.

في تجربته الشهيرة، كان العالم الروسي لافلوف يقوم بتقديم الطعام للكلب أثناء دق الجرس حتى ارتبط الطعام عند الكلب بدق الجرس، وبعد فترة أصبح لعاب الكلب يسيل بمجرد دق الجرس رغم عدم وجود أي طعام حقيقي، وتسمى هذه النظرية في الإعلام الحديث باسم الصورة النمطية، حيث ترتبط صورة ما برد فعل معين لدى الجمهور رغم عدم وجود أي تأثير حقيقي مرتبط بهذه الصورة.

في رأيك، هل هناك مزيد من الإستراتيجيات التي يستخدمها الإعلام للتأثير على الجمهور؟ وكيف يحصن الإنسان نفسه من أن يتحول إلى شخص تهندسه وسائل الإعلام بالطريقة التي تريدها؟؟