في العلوم المادية يمكن اختبار النظرية او الفرضية باستخدام اسلوب التجربة العلمية من خلال ابعاد العناصر المؤثرة على التجربة وتكرار التجربة باكثر من مرة ومن عدة اطراف
مثلا كل الاجسام تسقط بنفس السرعة بغض النظر عن شكلها حجمها او كتلتها لكن لو طبقنا ذلك على ريشة ومطرقة في مكان عادي ستسقط المطرقة اسرع الى الارض, يمكن اعادة التجربة في ظروف مختبرية عبر تحييد الهواء كي لا يؤثر على التجربة كأن تجرى التجربة في صندوق كبير مفرغ من الهواء وعندها سنشاهد صحة هذه النظرية من عدمها(السقوط بنفس الوقت)
ولكن في العلوم الغير مادية كعلم الاجتماع والاقتصاد وحتى في علم النفس لا يمكن اختبار النظريات بدقة كبيرة في تجربة علمية لان يوجد عشرات او مئات العوامل التي تؤثر على التجربة ويصعب تحديدها او ابعادها
مثلا لو قال احدهم ان الزواج التقليدي المدبر زواج فاشل والزواج من خلال التعارف والصداقة ناجح, كلام كهذا لا يمكن اختباره بشكل علمي دقيق فتفاصيل كثيرة جدا ممكن ان تؤثر على نجاح الزواج او فشله مثل الحالة المادية دين الشخص ثقافته اسرته الوضع السياسي للبلد...الخ و الاهم لا يمكن انشاء بيئة مختبرية لاختبار تلك الفرضية في وضع مثالي
طيب ما الحل للتاكد من صحة فرضية او نظرية ما وكيف نعلم ان الخلل بالتطبيق وليس بالنظرية ذاتها؟
لا توجد طريقة لاختبار بدقة 100 او حتى 99% وافضل ما يمكن فعله هو اخذ احصائية من تجارب عديدة وبظروف مختلفة
فمثلا لو اجريت احصائية للزواج المدبر في مختلف الشعوب والثقافات والطبقات الاجتماعية المختلفة وتبين ان 75% استمر الزواج والزوجين يشعرون بالرضا عندها يمكن ان نقول الزواج المدبر ليس فاشلا بثقة بسيطة
نفس الامر بالنسبة للنظريات الاقتصادية هل الاشتراكية افضل ام الراسمالية ام خليط بينهما(والخليط باي نسبة)
لا يمكن بدقة اختبار النظرية الاقتصادية لان تدخل فيها الاف العوامل ولا يمكن تحييدها وبالتالي الخيار افضل المتوفر هو اللجوء للاحصائيات التاريخية, فنجد عشرات الدول طبقت الاشتراكية بدرجات مختلفة ومن شعوب مختلفة كالروس ودول شرق اوربا وكوبا والصين(ايام ماو) وكذلك عند العرب(مصر ايام ناصر وصدام وحافظ وغيرهم) ومؤخرا في فنزويلا في جميع هذه الدول فشلت الاشتراكية وادت الى تدهور اقتصادي رهيب ونشوء دكتاتوريات اسطورية وبالتالي يمكن ان نستنتج بسهول وبثقة ان الاشتراكية كنظرية فاشلة لانها قائمة على افتراضات خاطئة او استحال تطبيقها على ارض الواقع وليس العيب بطريقة التطبيق
بينما نجد ان الشيوعيين والاشتراكيين لحد الان يتجادلون ان الخلل كان في ستالين وماو ولولا امريكا وحلفائها الامبرياليين كان ستنجح الاشتراكية وتحقق الفردوس الارضي
بينما الراسمالية تم تطبيقها بعشرات الدول في بعض الدول حققت نجاح ساحق كامريكا وهونكونغ وسنغافورة وماليزيا والصين بعد انقلاب شياو دينغ نقلت تلك الدول من مجتمعات فقيرة الى اخرى غنية, وايضا الراسمالية اتت بنتائج متوسطة في دول كالبرازيل والتشيلي ونتائج سيئة في دول العالم الثالث كمصر ايام مبارك, وبالتالي يمكن بثقة بسيطة ان نقول النظرية الراسمالية هي الافضل وربما فشل بعض او العديد من الدول التي تبنتها هي في سوء التطبيق وليس بالنظرية ذاتها
ملاحظة لم يوجد نظام اما اشتراكي او راسمالية 100% بل هناك خليط من الاثنين بنسب مختلفة, فحتى امريكا قلعة الراسمالية يوجد فيها سياسات اشتراكية كذلك بالنسبة للصين والدول الاسكندنافية
نفس الامر يمكن ان يعمم عندما نجد مجموعة واسعة من الشعوب التي تشترك في الثقافة او الدين او اللغة وكان لديها اقتصاد سيء او تعيش حروب اهلية رغم تنوعها ووجود انظمة حكم مختلفة, عندها لا يمكن ان يلقى اللوم على الدول الاستعمارية او الحكام, بل يمكن بثقة متواضعة ان يرمى الخلل في طبيعة تلك الشعوب بصورة او باخرى.