كنت في نقاش مع صديقتي يومًا واتفقنا فيما بيننا أن هناك انتهاكات من كثرة وجودها في دوائر حياتنا لم نعد نهتم بعد الآن لكونها بالأصل انتهاكات لنا ولحياتنا ولكن لم يتم وضعها تحت الانتهاكات الصريحة إذ هي مبطنة وصاحبها يعرف كيف يجبرك على أن تتقبل أشياء أو حت تمتنع عنها أو تقوم بمساعدات ما كنت ستقوم بها أو تمتنع عنها في حالك الطبيعي، فدعنا الآن نعرف ما هو الابتزاز العاطفي؟

الابتزاز العاطفي : هو نوع من التلاعب العاطفي بمشاعر الطرف الآخر بهدف الرغبة في التحكم في سلوكه لجعله يقوم بشيء أو يمتنع عنه، بالطبع لا يقع هذا على جميع الطلبات التي قد يتم طلبها منك ولكن، كما قلت سابقًا، هي أشياء ما كنت ستقوم بها في حالتك الاعتيادية، فبحسب الدكتورة سوزان فوروارد، عالمة ومؤلفة ومحاضرة، في كتابها عام 1997 ، "الابتزاز العاطفي": عندما يستخدم الناس في حياتك الخوف والذنب للتلاعب بك.

ويمر الابتزاز العاطفي بحسب الطب النفسي بعدة مراحل، ألخصها لك في الآتي:

1- الطلب: وفي هذه المرحلة تكون صيغة الحديث هي الآتي: اعتقد أنه لا ينبغي عليك كذا أو لا تفعل كذا او افعل كذا، أو ل اعتقد أن هذا مناسب لك أو أي صيغة من الصيغ التي تنهاك أو تحضك على فعل ما

بالطبع هذا لا يعني أن كل كلمات أو جمل تحمل هذا الصياغة تكون ابتزازًا، لكن الابتزاز يكون مغلفًا بكلام عادي في هذه المرحلة

2- المقاومة: تتعلق هذه المرحلة برد فعلك أنت، فبدلًا من أن تكون صريحًا لا تقول لا بوضوح، ستلجأ لحيل أخرى تكون فيها الظروف هي التي تقاوم أو ترفض وليس لك إرادة فيها، فمثلًا ستدعي أنه نفذ وقود السيارة على أمل أن لا يطلب منك صديقك قيادتها أو يمتنع عن ذلك

3- الضغط: هذه مرحلة جيدة جدًا لتعرف فيها هل علاقتك صحية أم أنك بالفعل تتعرض للابتزاز، فمثلًا الشخص الطبيعي سيتعامل مع رفضك بكل احترام، أما الشخص الآخر فقد يلجأ لحيل أخرى، كالانتقاد والتحقير مثلًا، أو قول لو كنت تحبني كنت ستفعلها، أو أنا افكر في مستقبلنا لذلك اطلب منك هذا، أو أو عشرات العبارات العاطفية التي قد تمتلك معنى حسن في مجملها لكنها في معناها الضمني تحتمل تخويفًا من أي شيء، من المستقبل، من الترك أو الهجر

4- التهديد: ويمكن للتهديد أن ينطوي على تهديدات مباشرة أو غير مباشرة، مثل: إذا فعلت كذا فسأفعل كذا، أو إذا لم تفعل كذا فربما يفعل شخص آخر، قد تبدو هذه جملًا عادية لكن لاحظ هنا أنك مازالت في مرحلة التلاعب بالمشاعر ولا تعرف عاقبة فعلتك بالضبط ولكن يتم الإشارات ضمنيًا إلى بعض العواقب

5- الامتثال: أنت لا تريده ان يقوم بتنفيذ تهديداته بالفعل لذا ستخضع لإرادته بسرعة حتى لو كنت ترى خطأ صريحًا فيما تفعل، والعجيب وقتها ان المبتز سيعود لطيفًا ودودًا وتتحول نبرته إلى الود واللطف الشديدين، لأنه يستعمل سياسة العصا والجزرة لذا فردة فعله تكون منطقية جدًا

6- التكرار: عندما تظهر لهذا الشخص موافقتك واستجابتك لهذه الألعاب النفسية سيدرك تمامًا أن هذا مدخل من مداخل شخصيتك وسيقوم بتطبيقه دومًا ليحصل على ما يريد، وقد يتعلم المبتز أيضًا نوعًا معينًا من التهديد يُنجز المهمة بشكل أسرع. معرضَا إياك إلى تكرار هذا النمط من الابتزاز.

بعد تبيان مراحل الابتزاز، هل لمعت في ذاكرتك مواقف تعرضت فيها لنفس التحكمات بالضبط وربما حتى من أقرب الأقربين؟ هل هذا النمط من المعاملة شائع في حياتك وتتعرض إليه؟ أم أنك ولأول مرة تسكتشفه؟