من ضعف العقل الإنساني أن يستدل بالعاطفة على الأمور العلمية.

وكثيرًا ما سمعنا أن رجلاً ألحد؛ لأنه وصف الله سبحانه بالظلم؛ لأمور تجري في العالم أو في نفسه على غير ما يعتقده عدلاً.

هذه هي العاطفة.

أما العقل فيقول: لدينا أمران منفصلان:

الأول: ألوهية الله عز وجل، وهي ثابتة بالعقل لكل من له عقل، بلا شك.

الثاني: هل هذا الإله ظالم أم عادل؟

فلا يلزم أن نؤمن بأنه عادل حتى نؤمن بأنه إله.

افترض أنه إله، لكنه ظالم –تعالى الله عن ذلك-

اعبده لأنه إله، وخف منه لأنه قادر، وجاهد قلبك لاعتقاد ألوهيته؛ لأنه عليم بذات الصدور، واعمل عملاً صالحًا لأنه بصير، وقل قولاً حسنًا لأنه سميع.

ودع عنك كونه عادلاً أو ظالمًا.

أرأيت حال الإنسان في كثير من دول العالم الدكتاتورية: كيف يطيع الرئيس والملك الظالم، وكيف يخاف منه، وكيف يتقي معصيته، وإذا سئل عنه بلع لسانه وغص بريقه: قال هو أفضل رئيس وأعدل ملك.

وإذا جاء في جانب الله عز وجل الذي عدل معه فأمهله وأعطاه حرية القول والعمل وأطال له العمر ليقول ما شاء ويفعل ما شاء رأيته سليط اللسان قوي الجنان في إنكار الله تعالى ومخالفة أمره وسوء الأدب معه.

مشكلة هذا الإنسان أنه وقح لا يمشي إلا بالعصا والسوط على ظهره.

ولو كان مؤدبًا لعبد الله على الخوف، فإذا رأى الله تعالى منه صدق اللجوء إليه هداه لعبادة الرجاء طمعًا في النعيم المقيم، فإذا استمر في اللجوء والدعاء والتضرع والإقبال هداه إلى عبادة الحبّ، وأوصله إلى اليقين، ونفى عن قلبه الشك، وأراه كمال عدله وتمام رحمته. فتلذذ بعبادة الله كما نتلذذ بالماء البارد على الظمأ أو أشد ..

والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.