أثناء مروري من الشارع والذي أمر به يوميا فهو أمام مسكني ووسيلتي للخروج للشارع الرئيسي، تعرضت إحداهن للسرقة وكانت تبكي بشدة فبجانب الفزع فقدت حقيبتها والتي تحتوي على كل أوراقها والمال طبعا. رُغم أني أمر بهذا الشارع يوميا وقد أمر في اليوم لأكثر من مرة، لكن هذه الحادثة كانت الأقرب لذهني وجعلتني أتلفت يمينا وشمالا وأتمسك بحقيبتي على غير المعتاد، وفي يوم الحادث ذاته استبدلت هذا الشارع بآخر .

وهذا ما يسمى بتحيز التوافر Avilability Error (يسمى أيضًا خطأ التوافر) هو اكتشاف الاحتمالات من أول شيء يظهر في رأسك. الذاكرة الأحدث، أو تلك التي تعتقد أنها أكثر أهمية، والتي لها تأثير أكبر على حساباتك من الذكريات البعيدة أو التي يصعب تذكرها.

كان هناك أحد البرامج المحلية الشهيرة في مصر وكانت مقدمة البرنامج تعرض الجرائم بمختلف مستواياتها، وتعالجها على أرض الواقع، كنت أتابعها لفترة وفي الحقيقة الكثير يتابعها، فطريقتها في العرض جذابة ولكن باستمرار متابعتي لها، أصبحت مقتنعة أن المجتمع مليء بالجرائم.

عندما أتت سيدة إلي لطلب المساعدة وبسبب تعلق جرائم الاختطاف في ذاكرتي، ولأول مرة أتردد في تقديم المساعدة، وأصبحت أتخيل حدوث سيناريو ما بطريقة معينة، وما إن كان ذلك حتى عزفت عن المساعدة.

فأدركت أثر هذا النوع من التحيز على اتخاذي القرار.

ليكن الأمر أكثر وضوحا بالطبع جميعنا ما يحدث سرقة في محيطنا، لكن ما هو رد فعلك إن كنت ذاهبا للبنك في الغد، وسمعت قصة شخص تعرض للسرقة أثناء خروجه من نفس البنك ومعه مبلغ من المال؟

بالطبع ستأخذ ذلك في اعتبارك وستكون أكثر حرصا، وقد يصل الأمر عند بعض الأشخاص إلى تأجيل الموعد، على الرغم من عدم توفر هذا الاحتمال إن قارناه بالحالات الآخرى، فهي حالة سرقة واحدة في أحد البنوك، في وجود العديد والعديد من البنوك والأفراد والذين لم يتعرضوا للسرقة.

لنرى هل تعرضت لهذا التأثير ودون إرادة أثر على قرارك؟ وما هو الموقف الذي وقعت فيه تحت هذا التأثير؟ وهل هناك طرق فعالة لعدم الوقوع تحت تأثير تحيز التوافر في رأيك؟