أثناء دراستي الجامعية واجهت أول قرار بزيادة البنزين، وكنت أسافر لمدة ساعة ونصف للجامعة وأستقل مواصلتين أو ثلاث، عند ارتفاع أسعار البنزين وقتها قام السائقون برفع الأجرة بمعدل أعلى من ما سمحت به المحافظة، اعترضنا ورفضنا دفع أكثر من المسموح به، واستمر الرفض لعدة أيام واستسلم الجميع أصبحت الأجرة التي فرضها السائقين نقطة ارتساء عند الركاب رغم أنها مخالفة للقوانين، وعندما اعترضت أصبح المعارضين القدامى يتهمونني بالشغب وأشياء من هذا القبيل.

كنت أندهش من موقف هؤلاء كيف تحولوا من معارضين لمؤيدين بهذه السهولة؟ كيف استسلموا لهذه الزيادة الغير قانونية وتقبلوها بصدر رحب؟

حتى أطلعت على أحد المصطلحات والتي تفسر ما حدث تفسير رائع، ألا وهي

(Anchoring bias) الرسو النفسي أو الارتساء

هو مصطلح يستخدم لوصف الميل البشري إلى الاعتماد بشكل كبير على سمة واحدة أو معلومة واحدة عند اتخاذ القرارات.

يسود التثبيت بشكل ملحوظ عندما يتعامل الناس مع مفاهيم جديدة. غالبًا ما يكون المرساة (القطعة الأولى أو أحدث معلومة تم تلقيها)، والتي تحجب المعلومات الآخرى التي تتبعها.

وليتضح المصطلح أكثر إليك هذا المثال

أثناء الخصومات وعروض الجمعة السوداء، نجد الجميع يقضون أغلب وقتهم لتصفح مواقع التسويق المختلفة، وزيارة المولات للحصول على أعلى خصم، كل ما يجول في ذهنهم قيمة الخصم الذي سوف يتمتعون به مقارنة بسعر القطعة الأصلي ( نقطة ارتساء)، ونتجاهل كافة المعلومات الأخرى حول هذه القطعة مثل جودتها وهل تستحق هذا الثمن حتى بعد الخصم ( معلومات أخرى).

عند زيارتنا معظم المتاجر نرى الأسعار تنتهي بـ 9. وبفضل البيانات النفسية العصبية، يعرف المسوقون أن كتابا بسعر 39 دولارًا مقابل 40 دولارًا لا يُنظر إليها على أنها أرخص من دولار واحد فقط، بل يُنظر إليها على أنها أرخص بـ 10 دولارات. وقد أطلق على هذا التكتيك التسعير المغري.

في كتاب "لا تقدر بثمن" (priceless)، قام وليام باوندستون بدراسة 8 دراسات حول استخدام التسعير المغري ووجد أنه في المتوسط ​​قاموا بزيادة المبيعات بنسبة 24 ٪.

يثبت التأثير باعتباره تأثيرًا قويًا على الاختيارات التي نتخذها ، من القرارات المتعلقة بالأشياء التي نشتريها إلى التفضيلات اليومية حول كيفية عيش حياتنا.

هل لديك أمثلة أخرى توضح مفهوم تحيز الارتساء؟ وهل تجد أن استخدام الارتساء في التسويق هو خداع للمستهلك؟