ذالك الفكر العقيم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع الذي يسري في عروق ذالك الآدمي والذي جعله أسفل سافلين بتخلفه وتمسكه بمبدئه

أما عن الفكر فأصوب سهمي على الجهوية في بلادي حيث صدق إبليس ضنه على بعض العباد فغدا أصحاب العاصمة ينظرون بمنظار ضيق يظهر صورة اقل دقة واقل جودة حين يرون غيرهم من أصحاب المناطق الوسطى ومن سواهم والجودة هنا تقف مقام الثقافة والحضارة والفئة الثانية بدورها تنظر بمنظار تكاد الزجاجة تنكسر مع كثير من الغبار ملتصق في الجوانب يعطي نظرة كالسراب تكاد لا ترى ولا تعطي جوابا فالغبار هنا يقف مقام العلم والمعاملة والمنظار مصوب صوب المدينة أما أصحاب المدينة فيكاد يضيق صدرهم حين يرون أصحاب القرية في مستقرهم فيحتقرونهم لكونهم أصحاب القرية أو رعاء غنم في بادية وهذا أسوء منظار تم استخدامه في الحكم على بني البشر أهي العنصرية في بلاد المسلمين أم أن المسلمين عنصرين في حد ذاتهم

إنها تلك النظرة الخبيثة حين يخطئ احدهم ويسيء المعاملة فترد الأسباب إلى مكان نشأته وترعرعه فكيف لنا أن ننجب هذا الرأي القحط ونحن تلك الأمة المختارة لاحتواء أخر الديانات باعتبارها سواء السبيل في وقت كثرت فيه السبل والطرق ونتبع ذالك الرجل الأمي الذي اجتمعت فيه أمجاد النبوءات القديمة فقمنا وضربنا تلك المبادئ السمحة عرض الحائط واتبعنا ما تتلو الشياطين فأنشئنا فراغا في مجتمعنا وطبقات ما كان لها سلطان في بلاد المسلمين

سبق وحسم الأمر عندما ألغيت عادات الجاهلية الأولى واستقبلت بصدر واسع رحب حين ألغيت العبودية والتفضيل لأسباب كانت فضلا من الله علينا فساوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الغني والفقير ، وبين السيد والعبد في المسجد وفي الجلوس معه ، وكانوا أمامه متكافئين في الدماء والأموال والحقوق

وثبت ورسخ وحقق وجزم انه لا فرق بين عربي ولا عجمي ولا احمر على ابيض إلا بالتقوى وان الله لا ينظر إلى صورنا أو أموالنا وهو العلي الذي لا تنفذ خزائنه بل ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا

في حين كان يضرب المثل بنا بأسنان المشط المتساوية والمتشابهة التي يلي بعضها البعض الأخر في استقامة واحدة وفق اتساق متقن فهذا مناد ينادي بين المسلمين أن من ابتغي العزة فالعزة لله و ذاك عائل مستكبر من ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم وهذا مسجد الضرار يحرق ويهدم لأنه بني للتفريق بين جمع المسلمين وها نحن نعود للجاهلية الأولى التي ألغيت ونفتح لها عقولنا ونضمها ضمة لتصبح بصمة على ألسنتنا لا نلقي لها بالا

هذا الفكر الذي لا يزن مقدار حبة خردل في ميزان العقل أوجدناه واتخذناه سبيلا وساء سبيلا رغم انه لم يكن ولن يكون ورقة رابحة يوم الحشر ويوم اللحد حين تقبر لا تسأل من أين أنت وأين ترعرعت وأي شارع كبرت فيه هل كان شارعا رئيسيا أم ثانويا هل كانت العاصمة السياسية أم العاصمة الثقافية أم العاصمة الاقتصادية التي اتخذتها مستقرا وان تعجب فعجب أمرهم انه لم يكن لنا يد في اختيار مستقرنا وإنما هي منة من الله وفضل منه لا لا هذا ولا ذاك ثلاثة أسئلة لا رابع لها تحسم أمرك بفتح باب إما عن يمينك أو شمالك فترى مقعدك في طلح منظود وظل ممدود وفاكهة كثيرة وفرش مرفوعة وزرابي مبثوثة وإمامقعد في حميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم وشراب قيح و فاكهة كأنها رووس الشياطين وماء يغلي في البطون يقطع الأمعاء وهذا أول المنازل أما في الحشر فالأمر يرجع إلى الأعمال والنيات والميزان دقيق معياره الذرة والكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا فأولى لك أن تنزع هذه القيود والأغلال التي تشل فكرك وتترك الفرقة الحمقاء وتعود لجماعتك وانتمائك فمن المعلوم أن العود ضعيف حين ينفرد قوي في حزمته وان الذئب المكار يستقصي شرود الخروف عن القطيع حتى إذا خرج عن حيز الجمع صار أكله ىفكذلك أنت إما أن تكون ضعيفا أو قويا ورأيك الفحل سيصنع فكرك ذالك واعلم أن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده