كلّنا بشر!

مازال حتى اليوم يميز بين الأسود والأبيض، مازال يصنّف الشخص بناءًا على طبقتة الإجتماعيّة، وما زال البعض يتفاخر بنسَبة ويعيش أوهام الفوقيّة ظنّا منه أنّه أعلى شأنًا عن غيره، ناسيًا أن الأمن نعمة تدوم بالعدل وتزول بالظلم، جميعنا نريد أن نعيش بين شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بناءًا على ما خُلقوا عليه، والجميع يريد الحريّة ولكن لا ينبغي أن نشبعها بالشرب من ماء الحقد و الكراهية، فهل تسائلت يومًا عن سبب هذا الحقد و الرخوة بين المجتمعات؟

إنّها العنصريّة، والتي هي تحجيم للعقل الذي أنعمة الله علينا؛ لما فيها من أمور شنيعة ولِأهميّة تجنّبها. هنالك عدّة أسس تستند عليها العنصريّة وممارسوها، منها: لون البشرة الذي يعاني منه السود في مختلف البلدان، والقومية [نسبة إلى القوم] أو الجماعة التي تتصل ببعضها بصلات معيّنة، كالقومية اليهودية، واللغة، والعادات، والمعتقدات كالرئي السياسي، والثقافات والطبقات الإجتماعية: حيث يحتقر الأغنياء الفقراء ويتحكمون بهم، فمعاملة الفرد وإحترامه مبنية على مكانته الإجتماعية.

الطفل يولد على الفطرة نقاء... لا توجد عنصريّة، لا توجد تفرقة، ثم يأتي الأهل اذا لم يحسنوا التربية فيعلموه العنصرية، المدرسه أيضا إذا لم تحسن التدريس ممكن أن تُدخل بعض الأفكار المشوِّهه، حتى الأصدقاء ذوي الصحبة السيّئة والإعلام إذا كان غير نقي وهادف يؤثّر على قلب الطفل، فيصبح الإنسان قلبه ملوّث بالكراهية والعنصريّة ويصبح القلب نتن، وهو التعبير الذي عبّر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال:((دعوها فإنها منتنة)).

العنصريّة تنمو وتكبر في ميادين التميّز والجهل والتفرقة، وتنبع من مفهوم مغلوط لا يرتبط بالإنسانية أبدًا؛ لأن الله قد أوحلى إلينا بالدّين عبر رسله وسنّ الشريعة التي لا تفرّق بين الناس، فهم سواسية لايفرّقهم لون أو دين، ولا تمايز بينهم إلا بالتقوى، فالخُلق الذي تدعو له كل الأديان هو الهويّة الوحيدة التي من الممكن أن تجعل من الإنسان إنسانًا أفضل، وبتطبيق العلم والمعرفة يستطيع الإنسان أن يعلو ويرتقي بفكره، ليؤسس قاعدة نفسية متينة تنهض بالمفهوم الإنساني لينشر فكرة للعالم متنها أن البشر سواسية لافرق بينهم إلا بالتقوى.

تعددت أنواع العنصريّة فمنها: التمييز الوجاهي وهو المباشر، التمييز الغير وجاهي وهو الغيرمباشر، المضايقة، التظلّم، وتكون العنصريّة هنا واضحة وهي المعاناة من وجود التفرقة من ناحية التعامل.

من المهم أن نعلم أنّ العنصريّة قد تحدث دون أن ندرك بها لنتفاداها، فمثلًا: عندما نرى مشاجرة بين شخص غريب وشخص نعرفة ندافع عن الشخص الذي نعرفة بغض البصر عمّن يكون المخطئ؛ للشعور بالإنتماء، ولكن الإنتماء الصحيح هو الإنتماء مع الحق، أيضًا التقليل من قدر شخص لإنتمائه لمنطقة معيّنة، كذالك نبذ الشخص لإختلاف مذهبه. من غير العدل فعل مثل هذه الأمور ومن الصّعب أن يتحمّلها أي شخص كان.

لنوقف العنصريّة ينبغي أن نعالج الأوهام العقليّة التي أفرزت مفاهيم زائفه على مر السنين،عن تفوّق جنس على على آخر من الأجناس البشريّة، ففي جذور هذا التعصّب العرقي تقبع الفكرة الخاطئة بأن الجنس البشري مكوّن من حيث الأساس من أجناس منفصله وطبقات متعددة، وأن هذه الجماعات البشريّة المختلفة تتمتّع بكفاءات عقليّة وأخلاقية وبدنيّة متفاوتة تستوجب أنماطًا مختلفة من التعامل. والحقيقة أنّه لا يوجد سوى جنس بشري واحد. فنحن شعب واحد يسكن كوكبًا واحدّا، نحن أسرة بشريّة مرتبطة ومرهونه بأن تكون كنفس واحدة، والاعتراف بهذة الحقيقة هو الترياق الأمثل لمرض العنصريّة والخوف من الآخر ولسائرمظاهر التفرقة وهذه الحقيقة يجب أن تكون المبدأ المرشد.

عندما وجِدنا على الارض و بعد خمس دقائق من الولاده، سيقرَّر اسمنا، جنسيتنا، ديننا، طائفتنا... فلماذا نتفاخر بما خُلقنا عليه و لماذا نقاتل وندافع عن أمور لم نختارها! فلنسعى الى توحيد الصفوف ونبذ العنصرية ولنتفكر في قول الله تعالى {يا أيها النّاس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير}.

ريم سالم آل مستنير​ ش1​ إشراف الدكتورة سميه يوسف ابو تريمه