كنت أبحث في موضوع ما على الإنترنت، كتبت كلمات الموضوع الذي أبحث عنه في جوجل وانتظرت. النتيجة عشرات المقالات التي تتناول الكلمة التي بحثت بها، مقالات منظمة ومرتبة العناوين، أتنقل من موضوع لآخر ومن صفحة لأخرى.. لكن فين المعلومات؟ ولا الهوا

اكتشفت أنني أمضيت وقتا طويلا في القراءة لكن دون الحصول على معلومة مفيدة واضحة حول ما أبحث عنه فقط كلمات مرصوصة بلا معنى، رغم أنني كنت أتتبع اول المواقع التي تظهر لي على افتراض أنها أكثر مصداقية. لكن اتضح أن الأمر أبعد ما يكون عن المصداقية.

لاحظت ان هذه المقالات لم تكتب لي أنا القارئ (فأنا لم أحصل على ضالتي) إنما كتبت لجوجل (فهي في النتائج الأولى).

هل تكتب المقالات لجوجل؟ فيما يبدو نعم. لكن لماذا؟

. مع ظهور أول موقع إلكتروني في بداية التسعينات وظهور عدة مواقع على مدار السنوات التالية كان لابد من وسيلة لترتيب ظهور المعلومات والبيانات الموجودة على المواقع المختلفة أمام القارئ (مثل أرشفة الكتب الورقية مثلا). هنا ظهر مصطلح تهيئة محركات البحث.

المفترض أن سبب ظهوره هو تسهيل وصول الباحث إلى المعلومة لكن بمرور الوقت ظهر الصراع القوي بين تخصص محركات البحث الذي أنشئت من أجله، والخصوصية. كانت سياسة جوجل "كأكبر محرك بحث في العالم مدعوم من حكومة أقوى دولة في العالم" أن تعرض المعلومات حسب الموقع الجغرافي للباحث، ثم تطورت لعرض النتائج وفق عمليات البحث التي قام بها المستخدم من جهازه من قبل، لكن ذلك لم يكن كافيا.

رأت جوجل أنه لكي نحصل نحن على المعلومة الأنسب (وفقا لما يراه جوجل طبعا) فهي تحتاج للوصول لكل شيء على أجهزتنا، كل شيء حرفيا: الصور والفيديو والأسماء وسجلات الهاتف والرسائل والتطبيقات التي لدى جوجل حق الوصول لها من الأساس .. كل شيء.

بعدها ستعرض أمامي المعلومات التي ليست هي بالضرورة ما أبحث عنه، بل ما ترى جوجل أنه يناسبني!

ماذا يحدث؟ هل بدأت فكرة الأرشفة لتسهيل وصول المعلومة للباحثين لكن انتهت إلى تسهيل وصول جوجل لما يدور داخل العقل البشري!

ألا تتفقون معي في تحول الإنترنت إلى وسيلة لصف الكلمات بلا معنى لا لتناسب الإنسان بل لتناسب محركات البحث؟ لتناسب الخوارزميات والآلة الذكية؟ هل سبق ذكاء جوجل الذكاء البشري بهذه المسافات؟

لحظة، ألم تظهر التكنولوجيا والحواسيب لفك طلاسم الأرقام بالأساس؟ ما لها ومال الكلمات؟!