قسما ليقف المرئ جامدا ولو يكن ما يكن ، أمام أستاذ و فيلسوف ومفكر و مثقف .. ، لدينا منه نسخ قليلة مصغرة في مجتمعاتنا ، بلغ من النضج ما جعله يقذف باللغة و العرق و اللون والدين .. بعيدا ، ليبرمج عقله على شيئ غالي إسمه " الحقيقة " ولا شيئ غيرها ، وليأتي بعدها ما يأتي .

.

فالرجل ولد بعائلة يهودية الأصل لكن لم نسمع عنه يوما أن أشهر بديانته أو أفصح عنها حتى أو أعارها أي إهتمام أمام ما هو أهم من ذلك بكثير .

نعم تؤمن بشيئ لكن لا تساهم به بتأزيم الأوضاع أكثر مما هي عليه .

فلعل أبرز ما يحاكي نضجه مواقفه ضد " إسرائيل " و الولايات المتحدة ليس حبا في شهرة أو إندماجا مع قانون " خالف تعرف " ، لكن ذلك كان ببراهين قدمها أفحمت حتى من كان ينادي سابقا [ أمريكا و إسرائيل .. سارعونا للتحرير ] ، كمثلا وقف بشدة ضد غزو أمريكا للعراق و أفغانستان و الفتنام ، وإسرائيل لقتل الفلسطينيين .

و أشاد باللغة العربية بوصفه دارسا للسانيات ، ولقن من عصفت بهم موجهة ( اللغة العربية ليست لغة علم ) درسا غير مسبوق ، وأبان بإقناع كبير كيف أن اللغة العربية بها مقومات ليست في جميع اللغات المنافسة ما يجعلها قادرة على النهوض ، كما وضح أنها نائمة نوم التخلف ،لا هي بفقيرة ولا ميتة .

بالإضافة إلى ذلك خروجه بجملة من المقولات إنتشرت على رقع واسعة ، لعل أبرزها ما أرعب به المثقفين ليس فقط في بلاد العرب و لكن في العالم ؛ حين قال [ مهمة المثقف هي كشف الأكاذيب ، و قول الحقيقة ] ، وسطر لهم بهذه القولة منهاج إذا زاحوا عنه لم تلحق بهم تلك الصفة .

.

ونخلص من هذه الشخصية الفريدة أن علمنا ولا يزال ؛ أن لك حق الإنتماء لمجتمع و دين معينين كما لك الحق في تبني لغة معينة ، لكن ما ليس لك فيه الحق أن يقديك ما سبق ، عن نطق الحقيقة .