اليوم .. أتم 4 سنوات على دخولي لمجال كتابة المقالات .. كتبت بهم ما يزيد عن 250 مقالة، وتم نشرهم في مواقع عربية مختلفة، كما استطاعت الفوز ضمن أفضل 10 كتاب مقالات تقنية وعلمية بمسابقة إضاءات وأسبوع العلوم المصري.

وعلى مدار تلك الفترة السابقة من بداية اقتحامي لذلك المجال وحتى الآن، قمت بتكوين خبرة بسيطة، قد تكون مفيدة لمن يريد البدء .. وقمت بتلخيصها في النقاط القادمة..

.

.

  • الكتابة عبارة عن مخرجات، والمخرجات تحتاج مدخلات .. لذا، أفضل شيء يمكنه توفير تلك المدخلات هو القراءة .. لإنها سوف تمدك بقاعدة لغوية، وبناء سليم للجمل، والكثير من المعلومات.

.

  • المقال نوع من أنواع الأدب .. له أصول، وأنواع، وأشكال، وخصائص .. تكبد بعض عناء البحث عنهم وقراءتهم في البداية لمعرفة أساسيات ما أنت مُقبل عليه.

.

  • أهداف المقالات تختلف، لكنها دائمًا ما تدور حول عرض قضية، إيصال فكرة، أو إضافة معلومة للقارئ .. لذا، قبل الكتابة يفضل تحديد الفكرة التي ستقوم بالكتابة عنها، والهدف منها، وطريقة عرضها.

.

  • كلنا نخطئ لغويًا .. لكن كي تكون كاتب، فيتوجب أن تكون الأخطاء اللغوية الخاصة بك قليلة جدًا .. فكثيرًا ما أشاهد أشخاص يكتبون:

كل الـ "ة" > "ه"

كل الـ "ؤ" > "و"

كل الـ "ي" > "ى"

كل ال "ذ" > "ز"

كل الـ "أ،إ،آ" > "ا"

كل الـ "لأ،لإ، لآ" > "لا"

كل الـ همزات خاطئة في الوضع.

كل الـ تنوين منعدم وغير متواجد.

وبعد كل ذلك، بابتسامة عريضة على وجوههم، وثقة مبالغ فيهم أجدهم يتحدثوا عن رغبتهم القوية في كتابة المقالات!

لا مانع من تعلم أساسيات اللغة العربية أولًا، وعلامات الترقيم وما إلى ذلك .. والجدير بالذكر، أنني من الممكن أن أستغرق وقت كبير جدًا كي أبحث عن كلمة في المعاجم الإلكترونية للتأكد فقط من وضع الهمزة بها!

.

  • كثير من الأحيان أثناء مراجعتي مقالات لبعض الأشخاص، ألاحظ أنها غير مترابطة إطلاقًا، مثلًا تواجد كلمات عامية وسط الفصحى، أو تسلسل غير منطقي للجملة، أو انتقالات مفاجئة من عبارة لأخرى دون ربط .. أيضًا كنت أقابل مقالات بنائها سليم لغويًا ومُدققة، لكن بعد قراءة المقال بالكامل لا أجد أي استفادة، فقط كلام مكتوب بأسلوب جميل لا أكثر!

والأمر هذا منتشر بين المبتدئين في الكتابة خصوصًا .. وأفضل شيء لعلاجه هو أن يقوم الكاتب بقراءة مقالات كتير .. على سبيل المثال قراءة "وحي القلم" لـ مصطفى صادق الرافعي، و "فيض الخاطر" لـ أحمد أمين، و"حديث الأربعاء" لـ طه حسين.

.

  • في بداية دخولك لعالم الكتابة .. المقال لا يُنشر يوم كتابته إلا في أحيان نادرة .. تكتب صباحًا مقال ما، وبحلول المساء تراجعه كي تكتشف أن شخص آخر تمامًا هو من أخرج تلك الكلمات، بسبب الكم الكبير من الأخطاء اللي ستكتشفها لغويًا، والتسلسلات العجيبة والغير منطقة لبعض الجمل .. لذا، يُرجّح جدًا أن تكتب المقال صباحًا وتراجعه حينها مرة، وتتركه للمساء تراجعه مرة أخرى، وتنام وتستيقظ ثم تراجعه مرة أخرى .. في كل مرة ستكتشف أخطاء، أو سوف تٌحسن من أسلوب بعض الجمل.

.

  • النقل محرم .. محرم .. محرم .. فلا يوجد شيء يُسمى نسخ جملة أو فقرة كاملة من مقال عربي آخر ووضعها في مقالك دون ذكرها في صورة اقتباس وتوضيح بالخط العريض للقارئ أنها منقولة مع ذكر المصدر .. غير ذلك الأمر يُعد غش وسرقة، وللأسف المحررين يكتشفوه بسهولة!

.

  • أفضل طريقة ممكن تستند إليها عند كتابة مقال - وأستخدمها شخصيًا في بعض الأحيان - هو البحث باللغة الإنجليزية على جوجل عن أهم الأفكار المراد كتابتها في مقالك، ثم تبدأ في قراءة المقالات المختلفة الناتجة عن البحث، وبعد تكوين النقاط العريضة في عقلك، تقوم بالبدء في عكسها بأسلوبك الخاص في مقالك .. وواجب أيضًا ذكر المصادر في النهاية.

أعتقد إن في بعض الأوقات أقوم بفتح ما يزيد عن 10 مقالات ومصادر أجنبية مختلفة أتنقل بينهم وأستخلص منهم معلومات أو أفكار لمقال أقوم بكتابته، وفي بعض المقالات العدد كان يتخطى ال 30.

.

  • المقالات الإلكترونية الأكثر طلبًا، أغلبها تتراوح بين 500 ل 1200 كلمة، تتكون من مقدمة، قلب، خاتمة .. المقدمة والخاتمة يُفضًل كتابتهم بعد الانتهاء من قلب الموضوع .. والقلب الأكثر جذب للقارئ يفضل يكون في صورة قوائم أو نقاط - ليست قاعدة -.

.

  • تراجعت الكتابة في الفترة الأخيرة كوسيلة لعرض محتوى أمام الوسائل الأكثر متعة وسهولة مثل الصور والفيديو .. وبذلك، أصبح من المهم إن يكن أسلوبك شيق وجذاب من الكلمة الأولى في العنوان، وحتى الكلمة الأخيرة في الخاتمة .. لو أردت المنافسة!

.

  • الكتابة ليست أمر سهل ومتاح للكل كما يظن البعض، لأنها تحتاج إلى البراعة والممارسة والخبرة .. بالإضافة أن تعلمها واتقانها يحتاج وقت .. لذا، قبل أن تاخد قرار الدخول لعالم الكتابة فلا مفر من بذل الجهد والوقت في البداية.

.

  • على قدر ما الكتابة ممتعة، على قدر ما هي مؤذية نفسيًا في بعض الأحيان .. رغبة الكتابة بأسلوب أفضل كل مرة سوف تطاردك لدرجة أنها قد تذيب كل الكلمات من رأسك وتجعلك عاجز أمام الصفحات لساعات وأيام دون البدء بحرف واحد.

.

  • مُصادقة كُتّاب متميزين، سيعود عليك بالمزيد من التميز .. والقراءة لعمالقة الأدب العربي مثل العقاد والرافعي وأحمد أمين سيجعلك تتأثر بأسلوبهم وتتشرب الترابط الكامن بين كلماتهم.

.

  • أخيرًا، مع كل ضربة بأصابعك على لوحة المفاتيح، ومع كل قضية تقوم بعرضها، أو معلومة تقوم بنشرها .. هناك على الجانب الآخر من شاشتك، شخص آخر أمام شاشته يقرأ ما تقوم بكتابته ويتأثر به .. قد يتأثر بالسلب أو الإيجاب .. قد يعتنق أفكار خاطئة تضره، أو أفكار صحيحة تساعده على التقدم للأمام .. فحاول دائمًا ترك بصماتك الجيدة.