كان ذلك الشاب يجلس حزيناً على مقعد من مقاعد الحديقة العامة فإذا يمر به بائع ألعاب جوال و من وراءه يسير طفل يقول لأبيه: أبي اشترِ لي لعبة

لكن أباه يرفض و قد بدا على ملامحهما الفقر، لذا قام الشاب إلى بائع الألعاب و اشترى اللعبة للولد فسعد بها أيما سعادة و فرح الوالد لسعادة ابنه و فرح الشاب بعد حزن لأنه أحسن إلى الولد

لن أتحدث عن السعادة كما اعتدنا عليها بل سأتحدث عنها بوصفها ذلك المرض القابل للانتشار، سأتحدث بصفتي طبيباً على عكس كل الأطباء لا يسعى لشفاء الناس بل لمرضها و يسعى لحقنهم بالمرض المنقذ، مرض السعادة

"إن السعادة تنتقل بالعدوى...لا تنتظر عدوى أحد...كن حاملاً لذلك الميكروب"

إن كنت تبحث عن السعادة و أظنك فعلت و كذلك أنا و قد جبنا أرجاء العالم بحثاً عن تلك التي تسمى بالسعادة و لم نكن ندري أننا نحن هي.

ابن تيمية قال عندما أرادوا سجنه:"جنتي في قلبي أنّا لعدوي أن يصل إليها"

"الشقي من يبحث عن السعادة و الحكيم من يزرعها تحت قدميه"

من يبحث عن الآخر؟ أتراها السعادة التي تبحث عنا أم نحن الذين نبحث عنها؟ لا أظن العملية عملية بحث بل أظنها عملية صناعة...صناعة ميكروب السعادة

يحكى أن مديراً لشركة كان حزيناً بعد أن خسرت شركته صفقة مع شركة أجنبية، يوماً استدعى سكرتيره فصرخ في وجهه:"هل انتهيت من الاوراق التي كلفتك بها" فرد عليه السكرتير: لا يا سيدي بقي القليل فيعاود المدير الصراخ: اخرج و انته منها بسرعة. فخرج السكرتير إلى مكتب مدير الصيانة و رمى في وجهه الأوراق و قال له :المدير يريد هذه الورق بسرعة و بدأ الرجلان يتشاتمان، و بعد أن افترقا و انتهى يوم العمل عاد مدير قسم الصيانة إلى بيته فاستقبله ابنه بابتسامة جميلة لكنه عبس في وجهه و قال له اذهب إلى أمك، وعندما عاد الولد حزيناً من تصرف والدته جاءته قطته تداعبه لكنه ركلها و صدمها بالحائط

السؤال الآن من ركل القطة؟!؟

السعادة ميكروب انشرها لا تضع نفسك في حجر، اعطس سعادة في وجه أخيك عساه يصاب بمرضك،مرض السعادة و اعلم أنه لكل دقيقة من الغضب فانك تخسر ٦٠ ثانية من السعادة

ما هي مكونات جراثيم السعادة؟؟! أولاً نواة من التفاؤل و الفرح و سيتوبلازم من النجاح، جدار خلية ضد المكتئبين،DNA من القناعة، رايبوسوم النشاط و أخيراً ثقوب نووية للأمل، الأمر بسيط أكثر مما تتصور :)

بعض الناس حتى وإن وضعتها في غرفة مظلمة ترى شعاع الضوء القادم من أحد الأماكن و البعض الآخر و إن وضعته في أشد الغرفات إضاءة يصر على عدم رؤية الضوء و رؤية الزاوية المعتمة فقط

و نذكر قول الشاعر عن الابتسام التي هي أحد أعراض الاصابة بالمرض:

قلت ابتسم يكفيك أنك لم تزل

حيّاً و لست من الأحبة معدما

فلعل غيرك إن رآك مرنماً

طرح الكآبة جانباً و ترنما

أتراك تغنم بالتبرم درهماً

أم أنك تخسر بالبشاشة مغنما