من غير المستغرب بالنسبة لي أن أجد فئة واسعة من المدونات العربية المتخصصة في الربح من الإنترنت ترفض استقبال تدويناتي كضيف لديها. فللأسف معظمنا - كعرب - نفكر بعقلية الندرة (عقلية الوفرة وعقلية الندرة هما مفهومان ذكرهما ستيفن كوفي في كتابه: العادة الثامنة. وعقلية الندرة هي أن تؤمن أن الخير والفرص محدودة، فلا تستطيع أن تربح أنت والآخر معًا. بعكس عقلية الوفرة التي ترى أن هناك فرصًا ومكاسب تكفي الجميع). ومع أنني أحارب الفكر السلبي بشتى الوسائل إلا أن هذه حقيقة متجذرة فينا بلا ريب.

شارك ما لديك ولن تخسر!

هنا سأقف مع قصة لأحد أصدقائي. أخبرني ذات مرة أن أحد زملائه طلب منه أن يعلمه كيفية الربح من بيع المنتجات على منصة "سوق.كوم" وهي - لمن لا يعرفها - منصة تجارة إلكترونية وسيطة بين الباعة والمشترين تنتشر في عدة دول عربية.

المهم، قام صديقي بتعليمه كافة تفاصيل العملية؛ كيف يختار المنتج، وكيف يعرضه، وكيف يسوّقه، ومن أين يشتريه، وبكم يبيعه. أعطاه دليلًا متكاملًا من الألف إلى الياء.

فماذا كان رد زميله؟

قال له: تبدو المسألة متعبة، خذ مالي واستثمره لي معك وخذ نصيبك من الأرباح.

رزقك محفوظ

من القصة السابقة يتضح أن الفائدة لم تكن لتحصل لو بخل صديقي بمعلوماته. فلا تظن أن تعليمك للآخرين سينقص من رزقك سنتًا واحدًا. كما أن تعليم الآخرين يكسبك ثقتهم ويضمن لكما فائدة مشتركة أكبر.

قمت سابقًا بأخذ دورة حول كيفية الاستثمار بسوق الأسهم الأمريكي - وهي دورة مدفوعة - وقد علمني المدرب كافة التكتيكات والاستراتيجيات التي يستخدمها للربح. وكان يرسل لي تقارير دورية عن عملياته مع نسب الأرباح (كان يخفي الأرقام ويظهر النسب فقط، وهذا مبرر بالطبع).

الخلاصة: هذا التعليم لم يوقف أرباحه أو ينقصها، بل زادها بسبب عوائد التعليم.

وبزيادة المتعلمين سيزيد التداول، وسيكبر السوق، وستنمو أرباح الجميع.

العطاء أجمل من الأخذ.. وأربح!

لا يعرف لذة العطاء من لم يجربه، ولا يعرف فائدته من لم يقدم شيئًا للآخرين. صحيح أننا - كمدونين وأصحاب مشاريع رقمية - نهتم لأمر الربح، وهذا حق مشروع لا إشكال فيه. لكن لا يتوجب ربطه بالعطاء النفعي (إن لم آخذ فلن أعطي). فنحن أمة العطاء ولسنا مثل غيرنا من النفعيين الذين لا يؤمنون بالعطاء إلا من أجل الكسب.

ومع ذلك، لا أشك للحظة أن العطاء هو سبب حقيقي وقوي لكسب المال والعلاقات ونجاح المشاريع.

لماذا أحببت "مكسب"

عندما قررت إطلاق مدونة "مكسب"

(وهي مدونة ربحية بالمناسبة) لم أشعر بالتوتر الذي كنت أشعر به عند إطلاق مشاريعي الربحية السابقة. وهو توتر مرتبط بالخوف من الفشل.

السبب في ذلك أنني كنت مؤمنًا بأن المشروع ناجح بنسبة 100%. فإن لم يكسب مالًا فقد كسب العطاء، وقررت ألا أوقف هذا المشروع لأي سبب - ما لم أغادر هذه الحياة -.

قوة التعاون

إن من أبرز أسباب النجاح التي وجدتها تتكرر في الشركات الرقمية الغربية هي التعاون من خلال التسويق بالمحتوى، ودمج الخدمات Integration، وحفظ الحقوق الفكرية، ومساعدة الآخرين.

لعل أول 3 نقاط تتعلق بالمنفعة المادية المباشرة أو بالقوانين المحلية لديهم، لكن لا يمكن إنكار كونها من أشكال التعاون الإيجابي الذي ينتفع منه الجميع.

الخلاصة

  1. لن ينقص من أرباحك شيء إذا سمحت للغير أن يستفيد من التدوين والتعليق على مدونتك بمقابل أو بغير مقابل. بل كلاكما سيكسب. والكسب الجماعي أكبر بكثير من الكسب الفردي.

  2. هذا لا يعني أن يقوم المستفيد بالإثقال ونشر السبام على مدونة المضيف.

  3. صحيح أنني أدعو للتعاون، لكن فكّر أيضًا بقيمة تضيفها للمدونة المستضيفة ولجمهورها بدل من أن تستفيد من الدعاية لمدونتك دون تقديم قيمة حقيقية.