"قراراً وجاهياً غير قابل للطعن بطريق النقض .. رفعت الجلسة"

قالها القاضي وضرب بمطرقته على مسندها، علّت ابتسامة كبيرة وجه المحامية انتصار عدل.

قضية أخرى تفوز بها المحامية القادمة من الريف البعيد مع أنها بالكاد تخرجت من كلية الحقوق التي دخلتها بمنحة للمتفوقين.

عادت إلى مكتبها الكائن في منطقة هامشية في المدينة التي تعجّ بمكاتب المحاماة المهرة الذين يستلمون مختلف القضايا من المدنية إلى الجنائية.

سلمت على مساعدتها التي أخبرتها أن هناك شخص اتصل بها يريدها على وجه السرعة وترك رقمه فطلبته وحولته إلى مكتبها.

  • ألو، معك المحامية انتصار، لقد اتصلت بي بينما ..

قاطعها بفظاظة: نعم، أنا جورج حاوي، مدير أعمال الممثل سليم بطرس

  • أعرفه

  • اعتقلت الشرطة بالأمس السيد بطرس ووجهت إليه تهمة قتل الخادمة المقيمة في المنزل لديه وهي سيدة مسنّة من الفلبين، نريد مساعدتك في توليّ القضية.

لم تكن هذه أول قضية جنائية عن جرائم القتل تتولى الدفاع فيها عن موكلها، ولنجاحها سابقاً في العديد من القضايا، وقع عليها الاختيار.

  • حسناً يمكنك زيارتي في المكتب للإتفاق وأرجو أن تحضر معك أية مستندات قد تفيد

دخل رجل طويل ضخم البنية بشعر أسود مسرّح جيداً ويلمع من الشمع الصناعي. يرتدي بدلة شبه رسمية مع حذاء لامع

بكعب خشبي. لم يلقي أية كلمة حيث دخل مباشرة إلى المكتب وجلس.

أخرج من حقيبته مجموعة من الأوراق، الذواكر الفلاشية، وهاتفه. وضعها على الطاولة أمام المحامية ومن جيب معطفه

أخرج دفتر شيكات وبقلم على الطاولة كتب الرقم .. مليون ليرة

  • إنها مجرد دفعة أولى

هذا أكبر مبلغ رأته في حياتها، بدأت تفكر بمشروعية مصدر الأموال، أم هل يتقاضى فعلاً الممثلون المشاهير تلك المبالغ الطائلة؟ خاصة بعد نجاح فيلمه الأخير.

طلبت من مساعدتها إيقاف العمل على كل القضايا الثانوية والتفرغ تماماً لهذا العمل المستعجل والذي لا يتحمل التأجيل لأن شخص مشهور مثل الممثل سليم بطرس لا يجب أن يبقى خلف القضبان.

مرت الأيام ثقيلة على الممثل وكل يوم تلقت فيها عدة اتصالات من مدير أعماله ليعرف أين وصلت الأحداث. كانت الشرطة متكتمة للغاية والضابط الذي استلم الملف قد عمل سابقاً على الكثير من جرائم القتل ولديه تأكيدات بأن المتهم مذنب.

عن طريق معارف لها توصلت المحامية إلى أرشيف لجرائم القتل غير المنتهية لدى الشرطة وبربط الأدلة مع بعضها، بدأت تتكشف المزيد من الخيوط.

توصلت في النهاية إلى تأكيد بدرجة ثقة عالية أن موكلها مذنب بالفعل، ليس فقط بهذه الجريمة التي أوكلوها بها، بل بعدة جرائم قتل سابقة تشير الأدلة بأصابع الإتهام إليه.

سليم بطرس قاتل متسلسل !

في زيارة خاصة إلى النظارة التي يجلس فيها المتهم بقسم الشرطة المعني بالتحقيق بالحادثة، دخل مدير الأعمال ليبلغ الممثل بسير الأمور. مرر له ورقة مكتوب عليها:

إنها تعرف!