( 1 )

هذا السؤال أعتبره واحد من أهم وأبرز وأخطر الأسئلة فيما يخص المحتوى العربي ، خصوصاً في هذه الفترة العصيبة التي لا يأمن فيها الجار جاره .. فما بالك عندما تتعامل مع مشروع إعلامي عبر الانترنت ..

منذ يومين ، طالعت ما يشبه سجالاً حاداً بين موقعين ذائعي الصيت ، يبدأ كل منهما بإسم ( الباحثون ) .. رغم ان كل منهما علمي ، ويقدم محتوى جيد جداً ( وأصمم أن كلاً منهما يقدم محتوى جيّد ، يتم مراجعته ، والتدقيق فيه ) ، إلا أن ثمة ما يشبه صراعاً مباشراً وغير مباشر بينهما ..

كل منهما يواجه تهمة أن له توجّــه ( سياسي / ديني ) خاص ، هو في الأصل مُعادي تماماً للآخر ، بناءً على صراع سياسي / أيدولوجي دائر على الأرض .. كل منهما يهاجم الآخر إما بعنف ظاهري واضح ، أو بسخرية غير مباشرة ..

في الوقت الذي شعرت فيه أن التقييم العام للجمهور ، إنسحب بعيداً عن تقييم ( جودة المحتوى المقدّم ) ، الى ما يشبه مباراة كرة قدم .. من سيسحق الآخر .. من سيثبت للآخر أنه عميل .. من سيثبت للآخر أنه أحمق ، أو انه يطوّع العلم لمصلحته ..

خصومة سياسية / أيدولوجية كاملة ، وراء ستار علمي ثقافي ..

وهي حالة أعرف تماماً - بحكم الخبرة ربما - أنها ستؤدي الى ضرب مصداقية كل منهما ، والخاسر سيكون كل الأطراف ..

=====

( 2 )

كنت رئيساً لتحرير مجلة أراجيك ذائعة الإنتشار ، وأصابنا بعض الرذاذ من هذه الحالة ، باعتبار أن الجو العربي أصلاً مشحون ومعبّــأ بالعصبية ، وإن كانت - لحسن الحظ - اخف بكثير مما تواجهه مواقع ومدوّنات أخرى ..

ربما لأن الخط الرئيسي التي ظهرت به أراجيك منذ يومها الاول هو خط ( عربي ) شامل .. يركز على فكرة ( القومية ) في إطار ثقافي ، بعيداً عن أية اختلافات أيدولوجية أو سياسية ..

لكني رصدت في هذه المرحلة المبكّــرة ( 2011 ، 2012 ، 2013 ) بدايات هذه الحرب في هذا الإطار تحديداً ، مع تزايد عدد المدوّنات التي ظهرت بشكل متتابع ..

وطبعاً ، كانت أكثر هذه الصدامات بين المدوّنات العربية خاصة بكل من مصر ، وسوريا .. بإعتبارهما بؤرتين صراع سياسي شديدتي التأثير في كل المنطقة .. والصراع السياسي في كل منهما أكثر تعقيداً من أي منطقة أخرى ..

=======

( 3 )

أعي تماماً أن الاعلام يجب أن يكون حتماً إنعكاساً لما هو في الأرض .. ومن يدفع من جيبه الخاص لإنشاء موقع أو مدوّنة عامة ، يجب أن يلتزم بمعايير أساسية يعتنقها هو ، سواءً بخصوص التوجّه الفكري الذي يرغب ببثّه عبر مدوّنته - وهذا حقّه - ..

أو بخصوص الأمور التي يحتفظ بها لنفسه ولا يرغب بمشاركتها .. وهذا حقّه أيضاً ..

ولكن ، هل تعتقد أنه من الجيد أن تشعر ( بالشك ) بخصوص أي محتوى يتم نشره في مدوّنة ( ثقافية / علمية / انسانية / فكرية ) ، عرفت انت أن صاحبها مختلف تماماً ( وربما خصماً لك ) في تصوّراتك ووجهات نظرك ( السياسية / الدينية )؟

سؤالي بشكل مركّــز :

  • كقارئ عربي .. هل تقيّــم ( المقالات ) فنيّـاً وموضوعياً .. أم انك تعتبر ان كل ما يأتي في هذه المدوّنة هو هراء كامل ، ودسائس .. بمجرد معرفتك أن مؤسس الموقع له موقف سياسي أو أيدولوجي ليس مطابقاً لموقفك ؟ ( رغم ان المدوّنة ثقافية علمية فكرية بالأساس )

السؤال بشكل آخر :

  • هل عندما تعرف شيئاً عن توجّهات صاحب الموقع السياسية والفكرية والدينية المخالفة لك - والتي لا يعلنها في مدوّنته - يطغى عليك شعور الرفض لكل ما في المدوّنة شكلاً ومضمونا .. أم لديك القدرة على ان تكون موضوعياً عند قراءة الموضوعات والإعجاب بها ونقدها بشكل عادي ..

ملحوظة مهمة :

اتكلم عن المدوّنات ذات الطابع الثقافي ، العلمي .. وليس عن المدوّنات والمواقع السياسية / الدينية التي تقدم محتوى من الطبيعي أن تعارضه اذا كنت مختلفاً معه ..