بينما كنت أتصفح الكتب على رفوف قسم الكمبيوتر في مكتبة بيع الكتب، لفت نظري عناوين استغربت أنه هناك فعلا من يشتري مثل هذه الكتب، على شاكلة: “دليلك الكامل لاستخدام [شيء]” ويمكنك أن تستبدل شيء بـ "Windows” أو "IPhone” … إلخ، ما لفت نظري ليس بساطة هذه العناوين فهناك اختصارات وأمور دقيقة تختصر عليك الكثير من الوقت إذا تعلمتها واستخدمتها في نظام تشغيلك. لكن ما لفت نظري هو أن هذا المجال مثله مثل أي مجال آخر يمكن الكتابة وتأليف الكتب فيه، لكن مع ذلك فقلة من تشتري هذه الكتب، بسبب أن المعلومات الموجودة فيها تستطيع الوصول إليها من خلال بحث بسيط في جوجل، وليس هذه العناوين فقط، بل حتى البرمجة، أو التصميم، تستطيع الوصول إلى درجة معقولة من الإتقان قبل أن تبدأ بشراء أول كتاب في هذا المجال إذا قررت التعمق فيه. ولولا الإنترنت لربما لقت هذه الكتب رواجا أكبر.

كمية المعلومات الكبيرة في هذه المجالات، جعلت الثقافة العامة لمستخدم الإنترنت العربي في هذه المجالات جيدة إلى ممتازة.

بعكس مجالات علوم أخرى، كالعلوم الإنسانية، الاقتصادية والاجتماعية، وعلم النفس، يقل، وقد ينعدم وجود محتوى مبسط لها في الإنترنت العربي، لذلك من الطبيعي أن تجد أحدا يشتري كتابا في علم النفس "كيف تصبح خبير في علم النفس بسبع خطوات سهلة”، ولكن ليس من الطبيعي أن يشتري نفس العنوان ولكن بدلا من علم النفس "استخدام الأوفيس".

المشكلة أن هذه المجالات لا تقل أهمية وجودها في الثقافة العامة للمجتمعات من المجالات الموجودة بكثرة في النت، بل تزيد عليها أهمية، فلن يتضرر أحد من عدم معرفته لكيف يرسم بالونة مجسمة بالفوتوشوب، ولكنه ربما يتضرر بجهله ببدائيات العلوم الإنسانية.

سبب هذه المشكلة الرئيسي هو بعد الخبراء العرب عن مجال الإنترنت والبرمجة، فمن الطبيعي أن يستفيد مخترعي الأداة الفائدة القصوى منها، ولذلك من الطبيعي أن يستغل المبرمج شبكة الإنترنت وإمكانية الوصول منها لأكبر عدد من الناس لأنه أدرى الناس بإمكانياتها. لحل هذه المشكلة ينبغي علينا نحن من عرفنا القوة، أن نعرفهم عليها ونريهم الإمكانيات، ربما يكون الباحث مهتم بنشر بحثه القادم في مؤتمر علمي مرموق، ولكنه بالتأكيد لن يهتم كثيرا بكتابة علمه باللغة العربية على الإنترنت. ولكن إن وجد شركة (هيئة) مشرفة على العملية، يكتب لها بانتظام، وتكون هذه الهيئة مسؤول عنها خبراء في التقنية، بمعنى ألا يكون عبارة عن مشروع غير ربحي من هيئة أو مؤسسة ثقافية أو جامعة، فلا تهتم بالأمور التقنية اهتماما كبيرا، لكن يكون المسؤول عنه شركة تقنية، ستهتم بالأمور التقنية مثل موقع محترم احترافي، واهتمام بالتسويق وخلافه، فيكون المشروع ناجح ومؤثر في الإنترنت العربي.