نكتبُ، كمن يخبئ كنزًا في صندوقٍ من حديد، مقالاتنا التي تحمل همس القيم وصخب الأفكار. ننحتُها بدقة الصائغ، نُرصّعها بجواهر التجريد، ثم نرسلها إلى العالم.. فتعود إلينا بصمتٍ ثقيل. لسنا نفتقرُ إلى العمق، بل ربما نُبالغ في حبس أعماقنا خلف متاريس الألفاظ. السؤال الجوهري ليس: "هل أفكاري ثمينة؟" هل صنعتُ لها كأسًا يُذوّق عطرها قبل نضجها؟"
أين تتعثرُ القصيدة في طريقها إلى القلب؟
تلك الكتابات التي تسبح في فضاءات القيم، كثيرًا ما تُحاط بسياجٍ من التعقيد. فالقارئ اليوم كعابرٍ في زحام السوق، يُريد اللباب دون عناء التنقيب. الإسهاب يُثقل كاهل انتباهه، والتراكيب المتشعبة تُشبه متاهةً في ليلٍ بلا دليل، واللغة المتعالية تُشعرُه كأنه يستمع إلى خطابٍ من برجٍ عاجيّ. فتنفصل الفكرة عن نبض القلب، وتصير كطائرٍ محنّط في متحف.
ليست البساطةُ نقصًا.. بل هي ذروة البراعة،
السهل الممتنع ليس شحذًا للفكرة حتى تصير بلا ظل، ولا تخليةً لها من روحها. هو فنُّ تحويل النهر الهادر إلى قناة صافية تروي العطشى دون غرق.
كيف؟
التعليقات