الكتاب كائنٌ يستطيع تغيير حياتك كلّها، يمكنه أن يهدم كلّ ما بنيته من أفكارٍ لسنوات، ويمكنه إعادة تشكيلك من جديد، أو بناءك من ركامك لتصبح شخصًا لم تحلم أن تكونه يومًا.

ألا يمكن للكتاب أن يحطّم أصنامًا نُصبت في زوايا أرواحنا؟ ألا يمكنه أن يَسكننا، يستعمرنا، وينغرس في أحشاءنا ولا يغادرنا أبدًا؟!

الكتاب قد ينسج لنا شرنقةً تلفّ ضعفنا، وتسقينا أفكارًا نيّرة تنير دروبنا المظلمة…، كما يمكنه أن يبعثرنا، ويزرع في قلبونا الشك، والحقد تجاه العالم، ويُزعزع كياننا.

 قد نصبح عالقين هناك في تلك اللحظة، التي قرأنا فيها، لذلك يجب أن نختر كتابنا بِحذَر، ليس كلّ من يكتبون كتّابٌ يريدون مصلحتنا، بعضهم يدسّ السمّ الذي دمّر حياتنا بين طيّآت الورق، ليس من أجل أذيّتنا، هو يحاول شفاء نفسه.

فبرأيي يبقى الكتاب كائنًا غامضًا، ما إن نكتبه حتى يصبح حرًا طليقًا، ولا أحد له سلطةٌ عليه، حتى كاتبه، لأنّ الكلمة خُلقت لتكون حرّةً وتأبى أن تكون ملكًا لأحد…

يقول الكاتب اليمني محمد الضبع في كتابه أخرج في موعد مع فتاة تحب الكتابة:

" الكتاب كائن غامض لا نستطيع النقاش حوله إلا باستخدام تعبيرات غير دقيقة، كائن تحيط به أحلامنا وأوهامنا دائمًا. كل الكتب التي تناقشنا حولها في حياتنا هي محاولات لإعادة تركيب كتب أولى أصليّة سبقتها، كتب غائرة في أعماق سحيقة أسفل كلماتنا وكلمات غيرنا، والقراءة ليست مجرد عملية نتعرّف خلالها على النص أو نقبض بسببها على معرفة بل هي أيضًا من لحظتها الأولى عملية نسيان لا مفرّ منها".

الكتاب ليس كائنًا غامضًا وحسب، بل يجمع كل التناقضات حوله، ويستدعي كل الآراء لتلتفّ حول حروفه ومعانيه، ويستقطب المثقفين والمترجمين والنقّاد للنّقاش حول ماهيته، أعتقد أنّه وبعد كل ما قلته في الكتاب لازال يمثّل ظاهرةً أعمق من الغموض نفسه، فماذا تعتقد أنت؟

وأنت ما رأيك فيما قاله الكاتب محمد الضبع؟ هل تعتقد أنّ الكتاب كائنٌ غامض؟