دائما كُتاب المحتوى يُسألونٌ: لماذا تدونون للغير؟، ولا تكتبون لأنفسكم؟، لماذا تجعلون قلمكم مربوطًا ومقيدًا بالوظيفة، ولا تسمحون لتلك الكلمات التي عُدلت أو حُذفت أن تسبح بحرية، وأغلب الكًتاب باختلاف أجناسهم وطبيعة محتواهم قد تعرضوا لمواقف يخيرون فيها بين الرضى بقيود الوظيفة وسماح لتعرضهم لإرهاق نفسي وجسدي، وإما التوجه للعمل ككُتاب مستقلين وإعطاء حرية للقلم والرضى بالبخسيس، بالرغم من درايتهم بأن الكتابة لا تطعم خبزا أحيانا، حتى الأديب الروسي دوستويفسكي تعرض لمثل هذا الموقف وأختار الموت جوعًا على البقاء في الوظيفة فيصاب بالجنون، لكن ألا تنظرون بأن الكاتب سواء اختار أحد الخيارين سيعيش ضغطًا وتقلبًا في حياته الشخصية؟

يقول الأديب الروسي دوستويفسكي:"لدي أحد الخيارين، إما أن أبقى بمكتب البريد كموظف وأصاب بالجنون، وإما أن أستقر بالكتابة وأموت جوعاً، وقد قررت الموت جوعاً”.

ومن المعروف على ديستوفسكي ذات مرة كان على وشك الإفلاس بسبب إدمان القمار، واضطر الى الاقتراض من أحد المرابين، وتعاقد على كتابة رواية "المقامر" خلال ثلاثين يومًا لسداد ديونه، وقد سلّمها قبل انتهاء الموعد الرسمي بدقيقتين. هنا تظهر براعة هذا الكاتب أنه كانت لديه قدرة فائقة في الكتابة تحت الضغط، وبالرغم من كل ما تعرض له، ينجح في تجسيد شخصيات روايته وانفعالاتهم ليعاشها بتفاصيلها.

لذلك لاتزال العديد من الروايات شاهدة وذات صدى واسع بين القراء بالرغم من رحيله نحو160عاما تقريبا، هذا الكاتب الفذ الذي لم يكن عاشقا للكتابة فقط بل كان يراها تعبر عن حريته وإحساسه بذاته.

وماذا عنكم يا أصدقاء، هل تؤيدون ما قاله دوستويفسكي ؟ وهل جاء ذلك اليوم الذي تعرضتم فيه لموقف فرض عليكم الاختيار بين الرضى بضغوطات الوظيفة أو التفكير في الانتقال للعمل الحر ككاتب؟