من المتعارف عليه بأن النقد يمثل أحد الفنون الأدبية لدراسة النصوص والأنماط التعبيرية لإصدار أحكام عليها وتقييمها، ومهما ارتبط ذلك بذوق الناقد وفكره في محاولة للكشف عن جماليّة النص الأدبيّ أو العيوب التي توجد فيه إلا أنه يستلزم أن يكون نقدًا هادفًا وموضوعيًا، لكن قد يصير النقد خدعة حينما نظل قانعين بما قاله غيرنا عن مؤلف عظيم بدل أن نذهب مباشرة اليه للقراءة عنه أو حتى لسماع ما قاله النُقاد بخصوصه، مثلًا عندما يقوم الناقد بتفسير شخصية أديب كبير نشعر أنه أنتج أدبًا من نوعِ أخر، ومثلما جاء تشبيه للأدب الإنشائي بأنه يستمد موضوعه ووحيه من الحياة مباشرة، هكذا هو النقد الحي الهادف يشرح النص و يستند لأدلة وبراهين مثبتة، لكن قد نجد في بعض المرات بعض النقاد يغيرون أراءهم اتجاه مؤلف واحد فقط، هل هذا الأمر طبيعيًا برأيكم؟ وكيف نفسر ذلك؟

لعل من أبرز الشروط التي لابد أن يتوفر عليها الناقد، هي الثقافة الواسعة، الخبرة والممارسة، وأهم شيء هو الموضوعية، وكما قال مارتيو أرنولد لابد على الناقد أن يكون قادرًا بأن يرى الشيء كما هو في الحقيقة وألا يزيغ في ضباب من ميوله الخاص وأفكاره السابقة.

 أليست هذه المعايير كافية حتى يًثبت الناقد حول رأي واحد أم هناك عوامل خارجية تفرض عليه مجارة الرياح التي تهب من نحوه؟ .وقد لا يكون هذا التغير سببه من الميول الشخصية لهذا الناقد، وإنما حتى ظواهر الأدب والحياة التي حدثت في القرن الثامن عشر التي طرأ فيها تغيرات اجتماعية ونفسانية التي يستحيل فيها معرفة قصة هذا الأديب بالكامل إذا كان مهملًا ثم ارتفع الى ما وصله العظماء المعروفين.

وربما ما يفسر تغيرات الناقد هو ارتباطه الوثيق بالمحتوى بدرجة أولى، وبعدها ينظر للعوامل الخارجية المرتبطة بالنص لذلك أمر طبيعي عندما نجده يتفق فيما يقوله المؤلف، وأحيانًا قد يتعارض فيما جاء به في نصوص أخرى، لكن التعقيد يكون عندما تتعارض أفكار الناقد حول موضوع نفسه، هنا يمكن أن يفقد مصداقيته أمام القارئ ، أما عن الناقد العظيم هو من يعطي اهتمامُا كبيرًا بتشريح القطعة الأدبية كأنه يجعلنا نقتنع بأفكاره ويقدم لنا تفسيرات أخرى أكثر إقناعًا لما جاء به المؤلف، لكن عندما لا يقدم الناقد تفسيرات منطقية لنقده الموجه يصبح مُبالغًا بحجج واهية كأنه جاء ليقوم بتصفية حساباته مع مؤلف معين وفقط.

لكن عندما ننظر لما قاله الموسيقار الفنلندي جان سيبيليوس " لا تولي اهتمامًا لما يقوله النقاد، لم يتم بناء تمثال على شرف ناقد"، قد نتوه بين أفكارنا، لننتقل من البحث عن تفسيرات لفهم لماذا يتغير رأي الناقد حول مؤلف واحد، لنتساءل هل نصدق ما يقوله الناقد من الأساس أم لا؟

برأيكم يا أصدقاء، كيف تفسرون أمر تغير أراء الناقد حول مؤلف واحد؟ وهل صادفتم هذا الأمر خلال قراءاتكم للأعمال الأدبية أم لا؟