على إختلاف أجناس الكتابة وتقسيماتها التي تؤديها كل واحدة على حدى إلا أنها دائما تسعى بين كلماتها الى ترك بصمة في مخيلة القارئ، وقد نجد الكاتب يبرع في بعض الأجناس الأدبية كالراوية وأخرى ليست من نطاق اهتماماته، فكل شيء نابع من القلب سيسهل توظيفه من جهة وسيصل لإدراك القارئ بسهولة. لو أجرينا مقارنة بسيطة بين الكتابة الروائية و الدرامية، لوجدنا اختلافات شكلية وأخرى ضمنية، لكن مع ذلك قد يتوافقان في الاستعانة بعدة مصادر من أجل إستلهام الأفكار، كالاستعانة بموضوع تاريخي مثلا شرط ألا يختلف مع الخطوط العريضة للأحداث الواقعية.. أما اذا كانت المعالجة درامية فالكاتب وقتئذ يخرج عن دائرة الالتزام بحرفية الأحداث التاريخية لإضافة لمسة فنية وإبداعية، قد يستعين أيضا الكاتب بمصادر أسطورية وخيالية، مصادر شعبية وواقعية وغيرها. لكن برأيكم هل يمكن أن تتحول كلمات الرواية الى مشاهد تصويرية مهما كان نوعها وطبيعتها؟ 

يمكن أن نعتبر أن الدراما هي رواية تم تجسيدها على أرض الواقع، شخصيات تتحدث وعالم خارجي يرى بالعين المجردة، قد تساعدنا لغة الجسد والإيماءات في فهم ما يدور من أحداث، فالنص يسبق العرض ثم يرافقه، لكن لا يمكن أن تكون الرواية كما كتبها صاحبها أن تصلح لتكون كتابة درامية أو يتم العمل عليها مباشرة، كون الكتابة الدرامية تتعمق بنيتها الحوارية حينما تنتقل من فضاء النص إلى فضاء العرض، حيث تكتسب عالمات مشيديه بصرية سمعية حركية جديدة وهذا ما قد لا نجده في الرواية، بالإضافة الى أن الكتابة الدرامية تحتوي على بعض الأساسيات من بينها محاكاة لتفاصيل الأحداث مع تبرير مفصل ودقيق لكل خطوة يتم القيام بهذا دون غيرها، أيضا تتعرض لسلسة من المناقشات بداية بالمعالجة والقراءة من قبل كُتاب أخرين ليروا مدى ملائمة الفكرة وعمق تفاصيل الأحداث، بعد ذلك يطلع عليها المخرج لمعرفة ما إن كانت الفكرة تجوز حقا لتطبيق وبإمكان أن يتحول السيناريو لمشاهد تصويرية يعمل عليه فريق متكامل من تقنيين،ممثلين ومصورين..

يمكن القول بأن الكتابة الروائية أبسط بكثير من الكتابة الدرامية، وربما الروائي سيهدئ عندما يرى كلماته تُخط بالقلم وسترى النور بعد أشهر فقط لتصبح بين أيدي القارئ، لكن الكاتب الدرامي سيكون ما قام به هو نصف فقط من العمل ككل، والأمر قد يتطلب منه عام على الأقل ليرى ما أنجزه، وبعد كل هذا الانتظار قد يرى سيناريو الذي كتبه تم تحريفه من قبل المخرج، ولا وجود لتفاصيل التي ذكرها ولا النهاية التي رسمها، فعلى الأكثر ستبقى الفكرة هي الوحيدة لحاضرة.

وماذا عنكم يا أصدقاء، في أي مجال تبرعون أكثر هل في الكتابة الدرامية أم الروائية؟ وماهي الميزات التي يتميز بهما كل من النوعين؟