"لتكتب , لا يكفي ان يهديك احد دفترا واقلاما , بل لا بد ان يؤذيك احد الى حد الكتابة".

مقولة قالتها الكاتبة والروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، وأنا أقرأ هذه الكلمات مستغربة لما تريد الكاتبة إيصاله، هل كل من أصبحوا كُتابًا تم إيذائهم ولجئوا الى الكتابة؟، إذا افترضنا بأن هذه المقولة صائبة الى حد ما والكتابة وليدة الأحزان، فلما وقعت جدلية بين من يعتبر الكتابة موهبة و أخرون مهارة، وقد جاءت أحد كتاباتي تتحدث عن هذا الموضوع بعنوان "هل الكتابة فطرة تُوهب أو مهارة تُكسب؟"

رابط المساهمة إذا أردتم الاطلاع عليها فضلا،

وأنا أنقل رابط المساهمة أعلاه، مررت بجانب مساهمة أخرى لكن تؤيد ضمنيا ما جاء على لسان الكاتبة، بعنوان "هل الأدب والحياة الاجتماعية في علاقة تجاذب أم تنافر وكيف ذلك"

رابط المساهمة لم لمن يطلع عليها حد الأن: 

لكن بعد ما أعدت قراءة ما كتبته في المساهمة الثانية، وتم الاتفاق أغلبيتنا أن الأدب والحياة الاجتماعية في علاقة ترابطية، كلهما يكمل الأخر ويتم الاستعانة بالواقع لدرجة كبيرة في تشكيل معاني والكلمات، لكن هل لابد أن يعاني الشخص من الحياة الاجتماعية حتى يصبح كاتبًا؟ هل تم إيذاءكم يا اصدقاء لذلك جعلتم الكتابة ملجئ لكم؟

 كوننا نختلف في نظرتنا للحياة، وكل منا ينظر اليها من الزاوية التي يراها مناسبة وعلى حسب الظروف والتجربة التي مر بها، كذلك هو حالنا ككًتاب لا يمكن أن نتفق على تعبير واحد يصف الكتابة وكل واحد منا يصفها على حسب الرابط التي تجمعه بها، وعلى حسب الأثر التي خلفته فيه، لذلك قد نجد الروائية والناقدة الأدبية رضوى عاشور الذي جاءت مقولتها تصف غير ما قالته الكاتبة أحلام:" الكتابة تأتي، تأتي من تلقاء نفسها فلا يتعيّن عليّ سوى أن أقول مرحبًا وأفسح لها المكان".

شخصيا، لا أؤيد ما جاءت به الكاتبة أحلام فيما قالته، لأن ما عشته من صميم التجربة يقول غير ذلك، لم يتم إيذائي من أحد ولم أنزف من الحياة، وبالرغم من المرارة التي نعيشها في هذ العالم، إلا أنني متفائلة، أريد دائما أن أنقل الجانب المشرق، لأنه الإنسان يعيش مرة واحدة بالعمر، ما جعلني ألجئ للكتابة كونها تمثل شغفا يراودني في عزلتي، رفيقة دربي، أكتب لأفكر، لأطرح على نفسي الكم من الأسئلة وأجيبها بين الحين والأخر قبل حتى أن يطلع عليها القارئ، وأكثر شيء يلهمني في مجال الكتابة هو تشخيص الواقع كما هو بحقائقه ومعاناته، تحليل مسببات المشكلة، فإذا كان الكاتب ابن بيئته فأولى أن يعبر عن معاناة مجتمعه على أن يشارك ألامه وحزنه، فانهيار أمة بالكامل وضياعها لا يقارن بمعاناته هو، هذا إذا كان يريد أن يكون كاتبًا عظيما لكلماته ذو معنى ورسالة تربوية.

لذلك صحيح لتكتب لا يكفي أن يهديك أحد دفترًا أو أقلامًا، بل لابد أن تكون شغوفًا، محبا لما تنشر، ولا تجعل دافعك للإقدام على فعل الكتابة هو لأنه تم إيذائك وفقط، فإذا أخذت بهذه المقولة فتأكد أن سرعان ما تلملم جروحك ستترك قلمك، أو ربما ستستمر بعد ذلك لكن لن تصبح كلماتك ذو معنى كما سابقتها، ومثلما يتطلب في الصلاة حضور النية أولًا، هكذا هي الكتابة لابد أن تكون نيتك تسبق لألمك، وشغفك دافع لاستمراريتك لهذا الفعل.

وماذا عنكم يا أصدقاء، هل تؤيدون مقولة الكاتبة؟ ولماذا؟ وما الدافع الحقيقي الذي جعلكم تصبحون كُتابًا؟