تمثل الكتابة أحد صور البوح الإنساني وحالة خاصة تترجم الأفكار والمشاعر الى عدد من الجمل والعبارات البسيطة والمركبة منها لتحمل أهداف ورؤى الكاتب أو صاحب الفكرة التي يريد إيصالها خلال تواصله مع القارئ، وبالرغم من أن الكتابة تعد من أقدم وسائل التواصل التي جاءت بعد الاتصال الشفوي التي ظهرت من خلال أوراق البردي وكتابات على الحجر والجدران التي ما زالت الى اليوم بعض الأثار والمعالم للحضارات القديمة شاهدة على ذلك، لتحظى بدور مهم وفعال يتم الاعتماد عليها كأساس في بناء الرسالة الموجودة في مختلف الوسائط الميديا الحديثة .

لكن دائما كنا نتساءل كيف نبدأ الكتابة، ومن أين؟، وما الاستراتيجيات المتبعة من أجل أن نحصل على كتابة ناجحة، سنعرض بعض من العمليات المتخذة من أجل ذلك والمتمثلة في أساسيات يجب العمل عليها بشكل متواصل ومستمر:

  1. عملية القراءة: تعد اللبنة الأولى التي ينشأ الكاتب على أساسها في عالم الكتابة الذي كان قارئا في بداياته، وربما القراءة أحد الأسباب التي دفعته للإقدام على الكتابة، لأن ببساطة عالم القراءة هو الذي يجعلك تكتشف ذاتك، تنمي أفكارك، تغير طريقة معالجتك ورؤيتك للأشياء، لذا إذا أردت أن تصبح كاتبا لابد أن تملك أهداف لقراءاتك، بمعنى ماذا؟ لا تقرأ كل شيء، وأي شيء، لا تقرأ لكنك لم تجد شيئا تفعله، لا تفعل ذلك، لأنه إذا فعلت هذه الأشياء ستصبح قراءتك مملة مع مرور الوقت، لا تستفيد شيئا، وأهم شيء لا تقرأ من أجل الأخرين حتى تظهر أمامهم شخصا مثقفا يتم دعوته بإسم "قارئ" ، بالعكس تماما، ما عليك فعله أن تعمل على نفسك وتطور مهاراتك كأن تحدد حيزا في يومك للقراءة، اعتبرها كأداء لمهمة يومية، اقرأ ما تحب، ما تميل إليه، ابحث على شغفك في طيات الكتب، لأنك إذا أحببت القراءة حتما ستحب الكتابة ، ولا تقلق من الأخطاء التي ترتكبها في البداية والأفكار المشتتة، وأعلم أن أهم شيء هو مداومة الفعل ولو قل.
  2. عملية التغذية البصرية: المقصود بهذا المفهوم هو تتبع مختلف الأحداث التي تدور بك في محيطك، كن دائم الاطلاع على الأخبار اليومية التي يتم نشرها في الجرائد والمواقع الإلكترونية، قراءة المقالات...إلخ، كل هذه الأمور تجعل منك تنمي شيئا فيك هو اكتساب رصيد لغوي متين من خلال تزويدك بمفاهيم جديدة، وكذا تجنبك الأخطاء الإملائية في كتابة بعض الكلمات، والأمر الثاني معرفة شغفك في كتابة المجال الذي يستهويك، فالمطلع أكثر على مختلف الأحداث سيجعله مع مرور الوقت يميل لا إراديا الى اختيار مجال على حساب الأخر الذي يمكنه من تزويد نفسه بكم من المعلومات التي تدفعه للبدأ في الكتابة.
  3. عملية الكتابة: الخطوة الثالثة التي تأتي بعد العمليات المذكورة سلفا، الكتابة الناجحة لا تحدث بين ليلة وضحاها، خصص دفتر خاص بك، أو افتح ملف ورد على حاسوبك وبدأ الكتابة، ستسأل ماذا بعد؟ ماذا أكتب؟، لقد ذكرنا سلفا بأنه يستحسن أن لا تجهد نفسك في قراءة كل شيء لأننا نعلم أن القراءة المتنوعة تشتت الذهن وتذهب التركيز في بعض الأحيان، لكن في عملية الكتابة، حاول أن تكتب أي شيء خطر على بالك، شتت ذهنك في كتابة لا تركز في تفاصيل الجمل والعبارات، لا تكرر قراءة أسطرك ومراجعة في كل مرة، أطلق العنان لأفكارك لتسرح بحرية، وأعلم أن بمجرد إدراكك بأن ما تكتبه يحدث من أجلك أولا ومن أجل تفريغ ما هو مدفون في خاطرك، ستكتب وتسرح في عالم الكتابة.

الكتابة الناجحة هي عدد الجمل والعبارات الصادقة التي نكتبها بحب و حرية، بعيدة عن أي قيود وقواعد لنتكشف في الأخير أن كلماتنا أصبحت تدريجيا تؤسس على منهجية اكتسبت من خلال القراءة والتعلم جاءت بالتغذية البصرية والتفكير الواعي اعتمادًا على الكتابة المستمرة. كما أنني لم أرى في حياتي كاتبا ناجحا إجتر الكلمات من أول محاولة أو توقع النجاح في بداياته....بل حاول وفشل وتعلم من أخطائه بالمحاولة حتى أصابته متلازمة الإجترار للكلمات.

بعد ما تطرقنا إليه، سيأتي سؤال يتكرر في أذهانكم كيف أبدأ الكتابة إذا؟ 

ابدأ من الشيء الذي تحبه، الذي يشغل ذهنك الأن؟ أكتب عنه وسترى النتيجة بعينيك.

وماذا عنكم يا أصدقائنا الكُتاب كيف كانت بداياتكم مع الكتابة؟ ومن أين؟