نحن نعلم أن الرواية كقالب أدبي لديها قدرة رائعة على قبول المادة العلمية ودمجها ضمن الحبكة الروائية، فالرواية التاريخية مثال، وكذلك أدب الرحلات وزيارة الأماكن، إضافة إلى الرواية العلمية التي تُشرك الأبحاث العلمية والنظريات والمعلومات ضمن الرواية، لكن هل يجب أن يكون الكاتب مُقيدًا بذكر معلومات صحيحة 100%؟ 

كل شيء ممكن

في الرواية، الكاتب لا يحضر رسالة ماجيستير، ولا يقدم مرجعًا بحثيًا يُعتمد عليه في شئون البحث، وإنما هي حكاية، يفعل فيها ما يشاء، لينزع الكرة الأرضية ويلقي بها إلى مجرة أخرى، وليهمل قانون الجاذبية في أحد مشاهده، لأن الرواية وظيفتها الأساسية هي الإمتاع والتشويق وتحريك المشاعر، لكن الرواية ليست موجودة لتؤدي وظيفة التثقيف، ولذلك على القارئ أن يفطن إلى هذا، فالعديد من القراء يسلمون بالمعلومات الموجودة في الروايات، لعلهم تعودوا الاقتناع بصدق كل ما هو مطبوع على ورق، الأزمة أن قراء الروايات أكثر بكثير من قراء الكتب، أي أننا لدينا الكثير من القراء لديهم معلومات خاطئة أخذوها من الروايات، فالروائي غير مسئول عنهم، لكن هناك شيء يثير غيظي، هو أن الكتاب لا ينوهون إلى هذا في رواياتهم في المقدمة أو الخاتمة، وكأنهم يريدون أن يقولوا للقارئ دعك من كل شيء وخذ معلوماتك مني، فأنا العارف والعالم، وبالطبع ألوف من القراء يرضخون لهذا. 

الروائي غير مقيد بالتالي بالمصادر العلمية، ولذلك تصلح الرواية لمن هم لديهم فرضيات أو تصورات في مجال العلم بأن يضعوها ضمن حبكة روائية، مثل صاحب فكرة المركبة الفضائية التي وضعها في روايته ثم تحولت إلى اختراع حقيقي، فالفرضية إذا ثبت خطأها لا يعيب هذا الكاتب الروائي في شيء كونه يستهدف الإمتاع والتشويق بالمقام الأول، وأنه إذا ثبت خطأ معلومة كتبها سيكون رده "افترض أنني أكتب خيالًا علميًا، لمَ تبحث عن معلوماتك في القصص والروايات إلا إذا كنت أحمق!؟ تبحث عن المعلومة في أجواء من المتعة، ولا تريد أن ترهق نفسك في قراءة مرجع متخصص!".

ما الذي يقيد الروائي؟

يتقيد الروائي بأن يكون هناك توافق منطقي للأحداث فليس من الصواب أن تنعدم الجاذبية في روايته بدون مُسبب، إذًا فإن عليه أن يضع مسببًا – وإن كان ليس متوافق مع قوانين العلم – لكون الجاذبية قد انعدمت فجأة من الكرة الأرضية، لا أن يقول أنها انعدمت دون ذكر السبب، إذًا لقد وضعنا في الرواية خصائص فيزيائية، أو شعورية، أو مكانية، لهذه الخواص قوانين، وليس من الصحيح أن نخالف القوانين التي وضعتها بنفسك، أي لا نكتب عن شخص سادي وقد لان فجأةً وأضحى رجلًا سويًا دون علاج. 

فإلى أي مدى تعتبر الرواية مفيدة في مجال العلم؟ 

وكيف تصف تخاذل الحركة الأدبية في تذكير القراء بأن عليهم الحصول على المعلومات من مصادرها ليس من الروايات؟