يمكنني القول بأني أحد معارضي ورش الكتابة الروائية أو القصصية، ليس ادعاءً أنها غير مفيدة، لكن من جانب أنها استغلالية، ليس الجميع يحبون تقديم كل شيء، أعتقد أن الكاتب الموهوب حقًا ستسعفه مخيلته الفطرية لتخيل الأحداث وبناء الحبكة، وعلى الرغم من هذا، لا يمكن إغفال الجانب النقدي وما فيه من فائدة للعمل الروائي والارتقاء به، فالموهبة ليست سوى 20% - كرقم تعبيري فقط – من أي شيء نقدمه، والباقي يكون بالعمل. 

إنني أملك الأحداث ولا أستطيع كتابتها

لأن سر الرواية ليس في الأحداث، ولكنه في تفاصيلها الدقيقة جدًا، وتفاعلاتها النفسية والدرامية المحتدمة، فهو فن معبأ بالروائح والأحوال والوجوه والأجساد، إنها الطرقات بحذافرها، والنقوش على الجدران، والثقوب الموجودة في جدار ما خلف أحد أريكات الغرفة، والأحداث المختبئة وراء هذه الثقوب!، والشعرة البيضاء الأولى في رأس امرأة ثلاثينية، إذًا فإن على الكاتب أن يُحسن وصف التفاصيل، لكن هل سنصف شيئًا لسنا على علمٍ به؟ إننا بالأحرى في حاجة إلى التخيل.

لا تكتب قبل أن تتخيل 

أحد نصائح الروائي "أحمد مراد" في الكتابة الروائية، عليك أن ترسم أماكن بمخيلتك، وشخوصًا، وأن تضع لهم تفاصيل مميزة وحقيقية وبالغة في الدقة، حتى يظن القارئ أن هذا المكان موجود بالفعل، و أنك – الكاتب – قابلت أحد هذه الشخصيات من قبل (إن كان لديك خلاف مع أحمد مراد فأنا لدي نفس الخلاف لكن ليس فيما يتعلق بهذه النصيحة المفيدة). 

مراقبة ما حولنا 

الخيال أصله الواقع، فمن أجل أن نتخيل علينا أن نحسن تأمل الأمور من حولنا، المشاعر الإنسانية، تعبيرات الوجوه، تفاصيل الأماكن، الأدب مرتبط بالصمت الطويل ليس لأن "الصمت لغة العظماء" لكن لأن الروائي يتأمل، وموهبته الفطرية للرواية هي ما تجعله يدخل في هذه التأملات لا شعوريًا.

القراءة

قبل أن تقرأ، قمت بتأليف مخطوطة قصصية، أنت تعلم أن هذا خطأ، لكنه شائع لدى أصحاب الموهبة الحقيقية، لأن فطرتهم هي ما دفعتهم للكتابة، ليكتشفوا أنهم يحبون فنًا يسمى الرواية، فلا يجب أن نكرر هذا الخطأ – المفيد – مرةً أخرى، لنقرأ المؤلفات الروائية القيمة، وليست التافهة، فهي التي ستبني أرضية قوية للغتنا وخيالنا كي نشرع في المضي قدمًا. 

هذه الخطوات التي اتبعتها عند كتابة أول رواية لي، وأحببت مشاركاتها معكم، وأنتم هل لديكم تجارب في ذلك، وهل هناك نصائح أخرى تشاركون بها تفيد من يريد البدء بكتابة روايته الأولى؟