لست ممًن يمعنون في التفاصيل، لكنّني مؤمن بأن الحقيقة تكمن في التفاصيل، لذلك تفوتني الكثير من المعاني في الحياة، ويبدو أنه تفوتني الكثير من المآسي أيضا، والحقيقة أن كلاهما على نفس القدر من الأهمية.

أخبرني أبي ذات مرة أن الغموض يُضفي على الإنسان نوعا من الوقار والجاذبية، لربما كان يريد أن يعلّمني أن إظهار ما بداخلك إلى الناس لهوَ أمر جليّ وينتقص من فاعله ولا يجب أن يحدث كثيرا.

كل الأمور تفنى، حتى مشاعرنا، ما تشعر به الآن سيفنى في الصباح، إنه الليل فقط يُحكم سيطرته على روحك وسيغادر ليلحق بصلاة الفجر ثم يُعاودك مرة أخرى في الليلة التالية، أعتقد أنني اعتدت على ذلك، وأعتقد أيضا أن قلمي قد اعتاد على تخاريفي الكثيرة في هذا الوقت.

الكتابة نوعٌ من التعرّي، ولذلك أتقنت التورية حتى أختبئَ خلفها كلّما أردت التعبير عمّا بداخلي، فالناس تتضاعف عيونهم وأسماعهم عندما يتعلّق الأمر بمعرفة شيء ما عن حياة شخص آخر.

أحاول التخلّص من التفكير الزائد، ولكن بدلا من ذلك أعتقد أنني ألفته واعتدت عليه، وآمنت أن بعض الأفكار تأخذ دورتها في عقلك وسترحل وحدها، لذا لا تعطيها قدرا كبيرًا من الجدّية.

نكتفي.