لا تتكون الكلمات فقط من الحروف، بل تحمل كل كلمة في داخلها لغة وفكر وثقافة، وطريقة في الظهور والوصول للمتلقي. واللغة كائن يتغير ويتطور ويتأثر بكل ما حوله.

في كتابة المحتوى كل ما كانت الكتابة سلسلة وسهلة في القراءة والفهم كل ما كان ذلك أسرع في إيصال الفكرة إلى القارئ، بل تجعله يكمل النص إلى النهاية ويتفاعل معه بشكل إيجابي. وسرعة وتيرة أيامنا وكثرة الملهيات وسهولة التشتت تتطلب منا أن نكتب نص يشابهها ويتسق معها في السرعة والتطور. إذن اللغة في النص لا بد من أن تشبه القارئ وطريقة حياته اليومية لأن البشر بطبيعتهم يميلون إلى كل ما يشبههم.

وعن هذه النقطة يقول الأديب محمد كرد علي:

ما اللغة في الحقيقة إِلَّا صورة محكية من الحياة، فاقتضى في تعلمها أن يسير الإنسان من نفس الحياة، لا أن يعمد إلى أشكال من التعبير لا تمس ولا تتحرك

اللغة في كتابة المحتوى هي الجزء الأهم في عملية كتابة نص أَيًّا كانت توجهاته وأهدافه. وغالبا لهدف التميز وإظهار المخزون اللغوي يقع بعض كتاب المحتوى في فخ كتابة نص مليء بالجمل والعبارات الرنانة والمنمقة المليئة بمفردات لا نستعملها في حياتنا اليومية وتحتاج كل مفردة منها إلى توضيح وتفسير.

وفي لغتنا العربية يسهل الوقوع بسهولة في هذا الفخ، فخ التلاعب بالكلمات ومعانيها ويكون أقرب إلى قصيدة منه إلى نص ذا هدف مخصص. وأيضًا بالسقوط في فخ التلاعب يصبح النص منفر جِدًّا ولا يجد القارئ متعة وفائدة في إكمال قراءته. ويكون احتمال فهم النص بشكل خاطئ وارد.

والكلمات والألفاظ قد يتغير معناها في كل زمن، فيختلف المعنى أو تكون الكلمة استعملت في ظروف معينة أو حقبة ما، ولا تناسب واقعنا اليوم الذي نشهد فيه دخول مصطلحات جديدة تستعمل بكثرة ولها جمهورها العريض. وهنا تظهر أهمية أن يراقب كاتب المحتوى التطورات اللفظية في مجتمعه وتوظيفها في نصه بطريقة تخدم الفكرة والنص.

يقول الأديب سلامة موسى:

قد يكون اللفظ يوحي بمعنًى عند الناس في عصر لارتباطه بحادثة أو نادرة؛ فإذا نُسيت الحادث انقطع وحي اللفظ أي أن الكلمات والألفاظ تشبه البشر في تحولاتهم وتاريخهم، توجد وترحل كما يرحل البشر في كل حقبة.

لذا يجب أن يحرص كل كاتب محتوى أَيًّا كان مجاله على الاهتمام بالأفكار قبل الكلمات، بالهدف قبل شكل النص. لأن إيصال الفكرة هي الغاية من كتابة المحتوى بأنواعه.

أخيرًا نقول يجب أن يُبْدِع كاتب المحتوى في رحلته. بدايةً من الفكرة المبتكرة إلى ترتيب الأفكار وتنفيذها بشكلٍ يناسب من يكتب لهم ثَقَافِيًّا وَفِكْرِيًّا. وألا يستنسخ أساليب لا تناسبه.

وتذكر دائما قول أليكس كابال هذا: ما إن تميلَ لاستخدام مفردة صعبة، فكر إن كنت تستطيع استبدالها بواحدة أكثر شيوعًا، سيصبح نصك أوضح وأيسر للفهم، وسيكون القارئ سعيدًا ويستمر بالقراءة. وأنا لا أعني ألا تستخدم مفردات صعبة، فهي مثل أي شيء، مفيدة في حال استخدِمَت باعتدال