«أنت وحدك تختار لحظة بلحظة من تكون وكيف تريد أن تكون في العالم.» - جيل بولتي تايلور.

تُرى ماذا تفعل عندما تكتشف أن الأقدار ألقت بك بعيدًا عن عالمك، فأجبرتك على تغير مسارك؟! ماذا تفعل لو استيقظت من نومك لتجد أن عليك محاربة عدو أكبر وخصم أقوي منه؟! ماذا لو وقعت فريسة بين براثن المرض؟!


المرور بمحنة المرض تجربة قاسية، تغير مسار الحياة بأكملها، فالمرض مجرد رمز لما يحتويه عالمنا من صراع وخبث، ولكن في خضم تلك التجربة هناك أحداث ومعجزات تستحق التأمل والتوثيق.

غالبًا ما يُعتبر دماغنا العضو البشري الأكثر تعقيدًا في الكون، ومن المذهل معرفة ما يجري داخل صندوق التفكير المتربع في الكتفين.. فماذا لو توقف فجأة عن العمل؟!

هذا ما تقصه علينا «Jill Bolte Taylor - جيل بولتي تيلور» في فصول كتابها «My Stroke of Insight - الجلطة التي أنارت بصيرتي» بأسلوب علمي مبسط.

وهو كتاب غير روائي، يحتوي على سرد وتوثيق لتجربة شخصية للكاتبة «Jill Bolte Taylor - جيل بولتي تيلور» خلال رحلة مرضها وإصابتها الخطيرة، وقدرتها على التغلب على هذه الإصابة، وذلك بأسلوب قصصي ممتع، تمزج التجربة الإنسانية بالحقائق العلمية.

حيث تصحبك فيه المؤلفة في رحلة خفيفة إلى الطريقة المعقدة التي يتتفاعل بها أذهاننا مع نفسه ومع الآخرين، وكيف يمكن تشكيله وإصلاحه في مواجهة الأحداث الكارثية، وذلك كعالمة مفتونة بعلم الأعصاب، وكمريضة خائفة من تطورات حالتها المرضية.

تعود القصة لعام 1996، عندما عانت المؤلفة من نوع نادر من السكتة الدماغية في الجانب الأيسر من دماغها، ولاحظت أن عقلها خرج عن نطاق السيطرة، فيتناول هذا الكتاب ما حدث خلال جلطة دماغها وكيف تمكنت من الشفاء خلال فترة طويلة من الشفاء.

استغرقت عملية الشفاء الخاصة بها 8 سنوات، حيث تحولت من حالة شبيهة بالورقة البيضاء بعد السكتة الدماغية إلى إستعادة نفسها العادية. وجدت أنها تستطيع ضبط مسارات الأعصاب السلبية، مما يسلط الضوء على مرونة أذهاننا بعد هذه الأحداث الكارثية.

أنها حقًا قصة مذهلة؛ كون أن المؤلفة عالم مخ وأعصاب، وحصلت على فرصة بحثية لا تتاح للعديد من الباحثين في مجالها، بعدما أصيبت بسكتة دماغية خطيرة نتيجة جلطة في الفص الأيسر من المخ، وقامت بمراقبة وظائف مخها من حركة، وكلام، إدراك الذات، وهي تتوقف واحدة تلو الأخرى.

هذا الكتاب غير روائي، وأبعد ما يكون عن كتاب تقني. إنه يقدم الخلفية العلمية بطريقة سهلة الاستخدام للغاية، ولا ينتمي للأدب العلمي، بكل كتب بأسلوب سردي مبسط للغاية، تجعله في متناول جميع القراء. (متوفر طبعة عربية من الكتاب).

بالتأكيد أوصي بهذا الكتاب لأي شخص غير متخصص بعلم المخ والأعصاب مهتم عن بعد بالكيفية التي يعمل بها العقل البشر ، أو فقط لأي شخص يريد الاستمتاع بقصةغير خيالية تنبض بمعاني التحدي والصبر والإيجابية والتغلب على الشدائد والمحن.


وإلى هُنا يجب أن نؤكد على أن المرض محنة ومنحة،المرض محنة ومنحة، والمريض وحده هو الذي يقرر كيف يتعامل معها.. فإذا كُنت تعرف كتاب يدور حول نفس الفكرة فشاركنا به في التعليقات...