سيكولوجية الجماهير(The Crowd: A Study of the Popular Mind)

اسم الكاتب: جوستاف لي بون/ فرنسي (1841/1931)

تاريخ النشر:1895

الكتاب يتناول تحليل نفسية الجماهير, يشير الكاتب لكون طبيعة الانسان النفسية تختلف بين كونه فرد معزول و بين كونه جزء من جمهور, فبمجرد امتزاجه بجمهور يفقد صفاته الخاصة و يكتسب صفات اخرى!

فيقدم الشخص في جمهور ما على افعال لن يفعلها لو كان فردا معزول

المقصود بالجمهور هنا ليس مجموعة اشخاص مجتمعين في مكان ما بالضرورة, فلو اجتمع الف شخص بالصدفة في محطة قطار فهذا لا يسمى جمهور, الجمهور هو مجموعة من الاشخاص يتشاركون افكار معينة و يناقشون قضية ما او لهم هدف

الجمهور يميل لاعمال اللاوعي يتصرف و كانه انسان بدائي او طفل, ميال للفوضوية و يميل لاستخدام عواطفه و غرائزه لا عقله

الجمهور قد يقوم بافعال مجنونة كارتكاب الجرائم كالقتل و التخريب او القيام باعمال بطولية كالدفاع عن الوطن في الحرب

الجبان يصبح شجاع و البخيل يصبح كريم, الطيب يصبح قاسي و العكس صحيح ايضا, كل ذلك حسب توجه الجمهور

و المفارقة ان تصرفات الجمهور غير مرتبطة بثقافة افراده فثقافة الجمهور هي ليست متوسط ثقافة افراده! فتصرفات جمهور من الاطباء و المفكرين و العلماء هو نفسه تصرف جمهور من العمال البسطاء!! و هذه التصرفات تاخذ طابع الثقافة الجمعية للعرق التاريخي للجمهور

المقصود بالعرق التاريخي هو مجموعة من الناس/شعب اندمج عبر السنين و كون عادات و تقاليد, فيرى ان الشعوب اللاتينية(من ضمنها الفرنسيين) الجمهور يميل للمساواة (كونه متأثر بالثورة الفرنسية) بينما الجمهور الانجلوسكسوني كالانجليز و الاميركان يميل للحرية و عدم تدخل الدولة

مسح ثقافة موجودة في مجتمع و استبدالها باخرى مسألة تحتاج وقت و هزات كبيرة في المجتمع, و لا يمكن انشاء قطيعة تاريخية بين ثقافة و اخرى

الثقافة العامة عادة في السابق مبنية على الدين كالمسيحية و الاسلام و البوذية و غيرها و هي(حسب راي الكاتب) عبارة عن افكار اسطورية مترفعة عن النقاش او الجدال, و ان مثل تلك الافكار ليست حصرا على الاديان التقليدية بل يقصد فيها اي فكرة عامة هناك اجماع عليها و تكون فوق النقاش

مثلا تمثيل الناس بالانتخابات, او تساوي الناس بغض النظر عن طبقاتهم و كذلك الاشتراكية(التي يتنبأ الكاتب بانها ستحدث ضرر كبير بالمجتمعات), و الجمهور يحب شخصنة العقائد و الافكار, المسيحية تعني المسيح و الاسلام يعني محمد, و نفس الحال بالنسبة للعقائد الحديثة فالشيوعية تعني ماركس او لينين او ماو

يقول الكاتب ان الحضارات البشرية لم ينشأها الا اقلية سواء دينية, فكرية او عسكرية و ليست نتاج الجمهور العريض, و الجمهور قد يؤيدها و لكن لا يصنعها لانه لا يعرف ان يصنع الا الفوضى

الجمهور متقلب توجهاته و ليست ثابتة فهي حسب الظروف فيقول الجمهور الفرنسي قبل الثورة كان مسيحيا كاثوليكيا ثم بعدها ملحدا ثم الوهيا(يؤمن باله بدون وحي) ثم مسيحي تقليديا و كل ذلك بظرف 40 عام فقط

القائد الناجح لا يقود شعبه او جمهوره بالعقل او بالمحاججات المنطقية و من يتبع ذلك يفشل بل الافضل ان يخاطب جمهوره بالعاطفة و يمنيهم بالانجازات

لذلك لا نجد عبر التاريخ ملك او زعيم ناجح كان فيلسوفا او مفكرا او عالم, لان هؤلاء ميالون لاستخدام الحجج المنطقية و اقحام العقل بكل شاردة و واردة, و يجب على القائد ان يظهر ثقة مطلقة بقراراته, فهناك من يكسب صفات القائد للجمهور و هناك من هو كذلك بالفطرة كنابليون و مؤسسي الديانات

الكتاب ايضا يتحدث عن زيادة عدد المتعلمين و عدم كفاية الوظائف الحكومية و انها لا تاخذ سوى اعداد بسيطة فهي ترعى قسم و تترك الباقي ناقمين عليها و ايضا ان التعليم بفرنسا نظري و يضيع الوقت و هناك اهمال للتعليم المهني (و كانه يتحدث عن معظم الدول العربية)

الكتاب ممتع و يحوي افكار غير تقليدية, انصح بقرائته.