كيف تحولت بلاكووتر من شركة أمن خاصة ومساحة للتدريب لواحدة من أكبر وأخطر الجيوش في العالم القادرة على اسقاط دول وحكومات؟

في المرة الأولى التي ظهر فيها اسم الشركة الى العلن كانت جثث 4 من (مقاوليها) قد علقت جثثهم المتفحمة -أو ما تبقى منها- على جسر في مدخل مدينة الفلوجة..بينما نقلت أجهزة التلفزة الصور الى العالم..

فكيف بدأت قصة هذه الشركة وكيف تعمل وما الذي أحدثته هذه الصورة التي نقلت عبر شاشات التلفزة الى كل العالم.. والى أين وصلت الآن؟

للحصول على نسخة من الكتاب من هنا

http://qrtopa.com/book/4249

بدأت (بلاكووتر) كشركة لتوفير رجال الأمن ومن ثم ميدان ضخم ونادر من نوعه للتدريب في كارولينا الشمالية في منطقة "بلاكووتر" التي أخذ منها اسم الشركة. لاقت الشركة شهرة واسعة بسبب ميدان التدريب هذا الذي وفر امكانات لا توفرها ميادين التدريب في معسكرات الجيش الأمريكي التي لا يبعد أحدها كثيراً عن موقع شركة "بلاكووتر"، كما تميز هذا الميدان بالمرافق المتعددة التي تتيح التدريب لكافة رجال الأمن والقوات الخاصة والمتقاعدين من شتى تشكيلات الجيش الأمريكي.. وشيئاً فشيئاً تطورت فكرة الشركة لتصبح رأس حربة في الحروب التي تشنها أمريكا اليوم في الكثير من دول العالم سواء ظهر اسم هذه الدول على أجهزة التلفزة أم لا، وتكمن الخطورة التي تشكلها هذه الشركة في الجيش الضخم الذي تحتويه قاعدة بياناته وكما تقول"جاهزون للإلتحاق في الميدان في أي لحظة" جنود مدربون تدريباً عالياً، وتشكيلات عرفت بوحشيتها وخدمتها للدكتاتوريات في دول امريكا اللاتينية، ومرتزقة مأجورون من جميع دول العالم.. جاهزون للعمل ..مقابل المال.. هذه هي قاعدة بيانات شركة بلاكووتر.

هذا الكتاب هو جهد بحثي عظيم جداً، استطاع تسجيل تاريخ مؤسسي الشركة وخلفيتهم الأيديولوجية التي تثير الرعب والقلق لما تبدو عليه وكأنها حروب صليبية جديدة ولكن هذه المرة ليست فقط على الدول "العربية والإسلامية" وإنما أداة ضاربة جديدة في يد الولايات المتحدة، يبرز الكتاب بشكل مفصل عناصر كثيرة يتحدث عنها الكتاب أهمها الخلفيات التي أتى منها مؤسسو الشركة، مروراً بكل الداعمين لفكرة الشركة ومن أوصلها الى ما وصلت اليه اليوم من تسهيلات عبر تمرير قوانين تشرّع عملها في العراق أولاً- خاصة بعد عملية قتل المقاولين الأربعة في مدينة الفلوجة- ومن ثم تشريع عمل الشركة هناك ضمن ما يسمى بالقوة الأمريكية الشاملة، لكن هذه المرة دون أي امكانية للرقابة على عملها وأي شركات أخرى في هذا الحقل -وهي كثر- كما لا يمكن لأي من المتضررين من الضحايا تقديمهم للمحاكمة، فلا تكتفي هذه الخلطة السرية بتقاضي مبالغ مضاعفة لما يتقاضاه الجنود النظاميون، وإنما يتمتعون أيضاً بحماية من أي محاولة لمقاضاتهم.

حصلت بلاكووتر على عقود هائلة جداً في العراق قدرت بمليارات الدولارت من المليارات الثمانية التي خصصت لإعادة الإعمار! بينما راح مرتزقتها يقتلون الناس في الشوارع بغرض التسلية كما تم نشره في سنوات الإحتلال من تسجيلات فيديو تظهر عناصر من بلاكووتر يطلقون النار على السيارات أثناء قيادتهم في شوارع العراق.

لكن الأمر الأكثر رعباً ليس فقط في استخدام المرتزقة من خلال الجيوش النظامية حول العالم وإنما تكمن خطورتها الكبيرة في الحجم الذي وصلت اليه والتشريعات التي حصلت عليها من مشرعي أقوى دولة في العالم، لتصبح الشركة المتخصصة في الأمن، جيشاً ضارباً يستطيع اسقاط الكثير من الأنظمة والحكومات خلال ساعات فقط.

يضيئ الكاتب على عناصر أخرى مثل النفوذ الذي تتيحه هذه الشركات للولايات المتحدة في صراعاتها الإقتصادية والنفطية مع الدول العظمى من خلال عقود أمنية لإنشاء بنية تحتية ذات وجهين، أحدها اقتصادي والآخر عسكري في دول من المفترض أنها مستقلة وذات سيادة، لكن لدى أمريكا طرق ملتوية للسيطرة حتى لو كانت على حساب القوانين الدولية وحقوق الإنسان، حيث تحافظ أمريكا على أنظمة فاسدة ودكتاتورية في مقابل حماية مصالحها هذه فوق أراضيها.

بقي أن أقول أن هذا واحد من أفضل الكتب التي قرأتها من ناحية منهجه المتبع في التوثيق والتحليل وقد بيع من الكتاب عشرات آلاف النسخ بنسخته الإنجليزية فقط، وسيتحول الى فيلم سينمائي.

مصدر المراجعة