رغم أن هذا أول الكتب التي أقرأها لأنيس منصور، وأرتأيت إختيار هذا الكتاب بالذات لملاءمته لميولي، إلا أنني أُعجبت بالأسلوب البسيط والكمية الكثيفة نسبيًا من المعلومات في أقل عدد من الصفحات، بشكل يجعل الكتاب أشبه بمرجع صغير يمكنني العودة إليه كلما أنتكست ذاكرتي.

يتعرض كتب ديانات أخرى لمجموعة من الديانات غير الأديان السماوية الثلاث وفلسفة هذه الأديان ونشأتها، مع بعض الآراء والتجارب الشخصية للكاتب، وكما بدأ الكتاب بذكر معاناة الكاتب فينتهي بذكرها ولكن يضيف عليها التأكيد على أن بحثه كل هذه السنوات أضاف المزيد من الشقاء لحياته، ولم يجد قط الراحة التي يبحث عنها ولكنها يبين أنه لو عاد به الزمن لقام بنفس الفعل مجددًا!

الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات، كل منها تأخذ الشكل الآتي : 1- تعريف 2- إزالة بعض الشوائب 3- استفاضة في الفلسفة 4- تاريخ الديانة حتى الآن 5- الاقتباس من كُتاب آخرين.

ويتحدث الكتاب عن "الديانة الهندوسية"، وبعض المغالطات عنها، وشرح للهدف الأسمى في الديانة وهو الذوبان في المطلق، ثم ينتقل "للديانة الزرادشتية" ويذكر تاريخها ومحاولة تفسير رموزها والتصور القائم على الأضداد وإله الخير والشر المتحدان لخلق هذا العالم، بل هم هذا العالم، ثم يتحدث عن البوذية وتاريخ مؤسسها وفكرتها عن العالم وهي كالكونفوشيوسية تركز على العالم الدنيوي ولا تهتم للآخرة، رغم أن النهاية فيها تشبه النهاية في الهندوسية وهي الذوبان في الصمت.

يختلف أسلوب الكاتب في كل مقال عن الآخر بإختلاف أهم ما في هذه الديانة، فإذا كانت حياة مؤسسها أهم دقق عليه، وإذا كانت تعاليمها أهم زاد من الإستفاضة فيها، وهو مضطر، والنتيجة بعد قراءة هذا الكتاب هو إزدياد الإنسان إيمانًا وإحترامًا لأصحاب الديانات الأخرى، فاهم أكثر للرموز ومعانيها، متعاطفًا مع شخصيات عديدة، له فكرة أكبر عن الإيمان بشكل عام، ولكن في النهاية إن كانت الراحة ما تصبو إليه فلا سبيل لها هنا، هنا فقط ستشعر بالحسد منهم، وكيف إستطاعوا التوصل لكل ذلك، ويبقى الناتج النهائي هو أنه لا يمكن تعليم الإيمان وما الكلمات إلا رموز يجب عليك إستشقراء المعنى من وراءها في نفسك لا بلغتك، فلا فائدة من التعبير عن معاني الكلمات بالكلمات، ولا فائدة من ترديدها دون استقرار المعنى في نفسك، فأعرف كيف تعرف نفسك وتفهمها قبل أن تحكم على الآخرين بالكفر والإيمان.