لقد أهتاج خياله من جديد. وهذا عالم رائع يظهر له في صور مثالية. وهذه حياة حافلة بالمباهج تخطر أمامه أشكالًا أخاذة، حلما آخر، سعادة جديدة! وها هو ذا يمتص مزيدًا من الامتصاص من سم اللذة المرهفة. ماله ولحياتنا الواقعيبة! نحن لا نحيا إلا قليلًا جدًا! نحن لا نحيا الا بطيئًا جدًا! نحن لا نحيا إلا حياة رتيبة جدًا. ونحن نندب حظنا كل يوم غير راضين عنه، انظري من حولك: ألا ترين كل شئ في الواقع برودة وغضا وقسوة؟.. ((يالهم من بؤساء)) كذلك يقول الحالم لنفسه.

أول ما أعيبه حول الترجمة التي وصلتني هي ركاكتها وعلامات ترقيمها الغريبة، ولكن هذا لا يبت في الأصل أو الترجمات الأخرى.

تبدأ قصتنا مع شاب حالم كثير الكلام غريب الوصف، يذكر حبه لمدينة بطرسبرغ واستغرابه لسكانها الذين يراهم أشرارًا، ثم يحزن لتركهم المدينة واحدًا تلو الآخر متجهين نحو الريف، هل ذكرنا أنه حالم؟ نعم ففي ظل وحدته كان يتهيأ له أن هناك رجل عجوز يحييه وصنع رابطة تخيلية بينهما (صنعت مثل هذه الرابطة مع رجل عجوز أقابله كثيرًا ولكن خاصتي أحادية فأنا لم أكلمه)، وفي الليلة الأولى يقابل فتاة سمراء اسمها ناستنكا ويكسب ودها ويأتي في الليلة الثانية ليشاركها حياته المليئة بالأحلام والهرب من الواقع، وكلامه الفصيح وأفكاره الفلسفية (نعم هناك بعض ملامح الفلسفة مثل توالد عالم الخيال ذاتيًا)ثم تحكي هي قصتها له بعد أن تعده بأن يكونا اثنين معًا دائمًا.

ونبدأ مع قصة الجدة الحريصة على حفيدتها أشد الحرص، ثم مع تذكر الجدة "الايام الخوالي" وايام الزمن القديم (ألا يذكركم هذا بشئ) والبركة التي سرت فيها -الايام-، وحب نستانكا الأول وعدم تحقق الوعد الذي كان بينهما، ولمحة فلسفية أخرى حين يذكرنا بأن الإنسان من الممكن أن يعيش على الأمل سعيدًا وحالما تنكشف الحقيقة تموت السعادة، ولذلك الجهل أفضل أحيانًا من الحقيقة.

في الليلة الثالثة الليلة التي يجب أن تنتظر فيها وصول حبيبها، ذكر لمحة عبقرية أخرى إلى تمسك الناس في لحظات الحزن والخوف والشك العميق بأدنى أمل حتى لو لم يكن منطقيًا، فقط أعطي الناس الأمل.

في الليلة الرابعة يظهر أن الحقيقة في النهاية مهما كانت مؤلمة ولكنها مريحة في انهاء العذاب على المدى الطويل، وأن سجن الأطفال إلى جانبنا سيولد لا شئ سوى مزيد من التعقيد لهم في حياتهم وأخذهم أمور مثل المشاعر بجدية مفرطة، أه ولا تعترف بمشاعرك لفتاة قالت أنها توقفت لتوها عن حب رجل آخر..أبدًا، فستتحطم كقطع صغيرة من الزجاج.

أنتهى.