إزدواجية التفكير هي من أهم الأعمدة التي أقام عليها الروائي الشهير جورج أوريل روايته 1984، والتي أخذ الكل ينصحني بها في الآونة الأخيرة وكثرة الإسقاطات منها على الواقع الحالي، ولكن بعد قراءتها فقد شعرت بقليل من الإحباط بسبب كل هذه الإشاعات التي رفعت من آمالي في الرواية (على الأقل سياسيًا) ولم أجد هذا الرابط بين الواقع والرواية الذي دعى إليه هؤلاء، ولكن أعجبت بفكرة معينة ظلت تتردد طوال الرواية وهي إزدواجية التفكير: هي أن تقوم بالفعل وضده وتؤمن بكلاهما تمامًا، كأن تؤمن بالحرية وأن تكون عبدًا، أو أن تعرف أن ما تقوله الحكومة كذب ولكن مع ذلك تؤمن بصدقه، وهذا مستوى عالي جدًا من النفاق، أو "أن تكذب الكذبة وتصدقها".

والفكرة الثانية هي دقيقتي الكراهية، وهي إعداد شخص -وهمي أو حقيقي- وتجعله "شماعة" لكل المصائب في البلد، فيكون هو العدو الأول وسارق الثورة وقاتل الأطفال (هل ذكر أحدهم الإخوان؟)، وكل ما عليك أن توجه غضب الجمهور المكبوت الى الشخص المنشود ثم تطلق العنان لهم، حتى يطلقوا الهيستريا الجماعية التي ستجبر حتى غير المؤمنين بما تقوله أن يشاركوا فيها بسبب تأثير العقل الجماعي، وهو ما وظفته الرواية بشكل عظيم في مشهدين أو ثلاثة.

الفكرة الثالثة وهي الحقيقة: فكيف يمكنك إثبات أن ما تقوله السلطة ليس الحقيقة إن لم يكن لديك إثباتات غير ذاكرتك والتي لا قيمة لها في إثبات أي شئ سوى لك، ومن يدري ربما أنت فقط من يهلوس فكل الوثائق تتحكم فيها السلطة وتستطيع تغيير الماضي فمن يتحكم في الماضي يتحكم في الحاضر ومن يتحكم في الحاضر يتحكم في المستقبل، أو هكذا يقول الأخ الأكبر.

الآن ما هو رأيك في هذه الأفكار؟ هل ترى إسقاطاتها على مجتمعك بالأخص وعلى العالم عمومًا؟ هل ترى إسقاطات أخرى من الرواية على الواقع؟