ابتعتُ قصة "الأرض الطيبة" من معرض الكتاب في عمّان قبل ثلاثة شهور، ومنذ ذلك الحين انشغلت بقراءة كتب أخرى من حصيلتي تلك، وكنتُ أنوي تأخير هذه لأنها لم تبدُ لي محمّسة أبداً من مظهرها. ففي الحقيقة، السبب الوحيد الذي دفعني لشرائها هو أن مؤلّفتها (Pearl Buck) حائزة على جائزة نوبل للأدب لسنة 1938، وأنا أتمنّى القراءة لأكبر عدد ممكن من مثل هؤلاء الأشخاص لأنني مهتمّ بكتابة الروايات على المستوى الشخصيّ.

على العموم وبناءً على نصيحة الزميل @ZaidEd قرّرت تغيير رأيي، والبدء بهذه القصة أبكر مما نويت، وجاءت رحلتي الطويلة والبائسة بالحافلة في الأسبوع الماضي لتساعدني بذلك، حيث قضيتُ 20 ساعة مملّة جداً لم أفعل خلالها شيئاً يذكر سوى القراءة، فأنهيتُ معظمها في يوم واحد.

عالمُ القصة

(بدون حرق أحداث)

تدور الأحداث حول مزارع صينيّ كادح يُدعى وانغ لنغ. يعيشُ هذا الإنسان وحيداً مع أبيه، وهو شيخ مسنّ كبير في العُمر. وتكون حياته عبارة عن كفاح وعملٍ شاق من الليل إلى النهار، لا ينتهي سوى بجمع ما يكفي من القوت لإطعامه هو ووالده، ولا شيء أكثر من ذلك إلا لتأمين أبسط احتياجاته. ولكن وانغ لنغ يكونُ مختلفاً عن باقي المزارعين، فهو يحبّ أرضه ويقدرها أيّما تقدير، ويُؤمن بأن الأرض هي التي تعطيه غذائه وحياته وبدونها فإن لا خير له. تبدأ حياة وانغ لنغ بالتغيّر عندما يذهب بأحد الأيام إلى منزلٍ كبير للأثرياء ويشتري منهُم جارية ليتزوّجها، وتبدأ المرأة بمعاونته في حراثة حقله وإنجاب الأولاد له، فيتغيّر كل شيء من وقتها.

تغطّي القصة فترة زمنية طويلة جداً. عندما تبدأ الرواية يكون وانغ لنغ شاباً يافعاً في مُقتبل عمر الزواج، وأما في نهايتها فهو شيخ مسنّ عاجز، والأمر المذهل هو كيف تنجح المؤلفة بتغطية هذه الحياة بأكملها في صفحات الكتاب، بحيث تشعرُ بمضيّ السنين واحدةً تلو الأخرى، وتغير الحياة يوماً بعد يوم.

رأيي الشخصي

هناك أشياء معيّنة أحببتُها كثيراً في هذه القصة. كوني مهتماً بالتاريخ وحياة الناس في القدم، وجدتُ فيها تمثيلاً مُبهراً لتفاصيل الحياة اليومية بدقائقها في المناطق الريفية الفقيرة بالصين، بحيث أصبحتُ أشعر وكأني كنت مع شخصيات القصة وعاصرتُ أسلوب حياتها الصعب والقاسي. تفاعلات الشخصيّات كانت مميزة أيضاً، رغم أن كل من في القصة أشخاص ريفيّون وبسيطون بطبيعتهم، ولكني عشتُ وانسجمت معهم، خصوصاً الشيخ الكبير، والد وانغ لنغ، فهو مسلّ جداً.

ولكن لها جانبها الكئيب أيضاً. في الواقع، أحداث مُنتصف الرواية كانت بالنسبة لي كئيبة جداً إلى درجة شرّيرة. أعترفُ بأن الرواية كلّها تروي أحداثها بطريقة مُقنعة جداً، بل وتطوّرها كان واقعياً إلى درجة مبهرة، ولكنها - مع ذلك - كانت بغيضة بدرجة مزعجة.

الرواية ليس فيها أمر مميّز كثيراً، فهي في معظمها تختصّ بالحياة اليومية لمُزارع وعائلته وأحداث حياتهم يوماً بعد الآخر. مع ذلك فهي لطيفةٌ جداً، تقييمي لها 7.5/10، ولو سألني أحدٌ عنها فسوف أنصحه بها.