منذ أيام ، وقع تحت يدي كتاب أنيق مغلّف جيداً ، إنتاج الهيئة المصرية للكتاب " هيئة حكومية تقدم كتباً جيدة جداً بأسعار زهيدة " ، بعنـوان :

الوحش المحبـوس .. قصص قصيرة من الأدب الصيني المعاصر ..

الحقيقة أنني لم أقرأ الأدب الصيني مسبقاً ، رغم انه اعرق آداب العالم على الإطلاق .. ولكني منذ نشأتي ، وأنا متعلق بثلاثية : الأدب الروسي ، الأدب الأوروبي ، الأدب الأمريكي .. الى جانب الأدب العربي ، بحكم النشأة والثقافة الأصلية ..

على أي حال وجدتها فرصة جيدة جداً لبدء الاطلاع على هذا العالم من خلال قراءة قصص قصيرة مكثفة ( 9 قصص ) ، كتبها مجموعة من أبرز الادباء الصينيين المعاصرين ، كلهم بلا استثناء حائز على جوائز دولية كبيرة ..

======

أول ما لفت نظري في كافة القصص القصيرة أنها جميعاً قصص واقعية تشرح لك مواقف حياتية دون أي مغزى .. إذا كنت متآلفاً مع كتابات الكاتب الايرلندي " جيمس جويس " ستفهم ما أعنيه تماماً ..

قصص كاملة تصف مشاهد فقط لوصف المشاهد .. قصة زواج .. وصف شخصية معينة ( يجب أن يكون بها شخص عجوز ما ) .. دون مغزى عام في نهاية القصة .. كلها نهايات مفتوحة ..

أسلوب وصفي مبالغ فيه يحتاج الى ان تكون رائق البال حقاً ، ولا يوجد شيء يشغلك على الإطلاق لتنتهي منه .. سمعت كثيراً عن الصبر الآسيوي الطويل الذي يتعامل مع الزمن بأريحية كاملة ، ولكني لم أكن أتوقع ان ينعكس بهذا القدر على الأدب ..

صفحات كاملة لوصف البراري ، وتغريدات السنـونو فوق الغيطان ، وأنـات الحوامل ساعة المخاض ، وسمرة وجوه الفلاحين والسواعد التي لوحتها شمس الظهيـرة ..

هذه الحالة كانت معروفة ومألوفة في الآداب جميعاً في القرن التاسع وعشر ، ومنتصف القرن العشرين .. وحلّ محلها أوصاف سريعة جداً الآن في الاداب الحديثة في كافة انحاء العالم ، ولكن الادب الصيني مازال مرتبطاً بها جداً بشكل ما ..

مع ملاحظة ان هذه القصص هي قصص " قصيرة " .. ومعظمها في النصف الثاني من القرن العشرين .. ومع ذلك أخذت كل هذا الوصف ، مابالك بالروايات المطوّلة ؟

صحيح كان هناك بعض الاستثناءات في القصص ، ولكن الإجمالي كان يسير بنفس النهج الوصفي المطوّل ..

====

بشكل عام، لم تكن تجربة سيئة ، ولكن حتماً لم تكن تجربة ممتعة .. لم أحب هذا النوع أبداً من الأدب .. ربما لأني لست متحمّساً بشكل دائم للآداب الشعبية عموماً ، وأميل اكثر الى الآداب التي لها طابع عالمي مفهوم لكافة الثقافات ..

مع ملاحظة ان التعامل مع الثقافات المختلفة يكون نابعاً من شخصية كل فرد منا .. ما قد أراه انا مملاً ، قد تعتبـره انت قمة التشويق .. والعكس ..