زرتُ البارحة أوّل معرض كتابٍ لي مُنذ سنتين تقريباً، وهي مُدّة طويلة قليلاً بالنسبة لي لأني عادةً ما أذهب لمعارض الكتب بكثرة.. فقد ذهبتُ إليها في ثلاث عواصم عربية حتى الآن.

كانت التّجربة مُشرقة من بعض النواحي ومُحبطة من أخرى. كالعادة كانت "الدار العربية للعلوم" أفضلَ مكانٍ في المعرض، ليس لسببٍ إلا لأنّي قارئ رواياتٍ بالدرجة الأولى، وهُم دائماً يُوفّرون الكثيرَ منها بطبعاتٍ وترجماتٍ ممتازة جداً، آه... والسعر لديهم يتناسبُ مع الجودة أيضاً، من حيثُ الارتفاع بالطّبع.

من جهةٍ أخرى، حصلت على الفُرصة لأكتشف دار نشرٍ مصرية لم أسمَع بها من قبل، وهي "كلمات هنداوي" (يبدو أنّها مشهورة، لا أعرفُ لماذا لم أصادفها سابقاً)، وهي على الأرجح الدار الوحيدةُ في المعرض كلّه التي تتخصَّصُ بترجمة الكتب العلمية. وهنا لا أعني الكتب المُبسّطة من نوع "لماذا يُسخّن المايكرويف أسرع من الفرن؟"، بل الكتب التي يكتبُها علماء مُتخصّصون، من أمثال ستيفن هوكنغ ونيل تايسون ومن سواهُم. الأسعار لديهم تناسبُ الجودة أيضاً.. لكني لم أفوّت على نفسي فُرصة الحصول على بضعة أشياءٍ من عندهم.

أخيراً كان جناحُ المكتبة الأهلية ممتازاً جداً هذا العام. منشوراتهم بحدّ ذاتها ليست كثيرة، لكنَّهم مُشتركون في الجناح مع عدد كبيرٍ من دور النشر اللبنانية التي لها الكثيرُ من الكتب الرائعة، فقد وجدتُ لديهم الكثير من الروايات الروسية والشرقية بطبعاتٍ جيّدة جداً، وأيضاً بعض الكُتب الفلسفية والعلمية النادرة، مثل كتاب "النظرية النسبية" من تأليف آلبرت آينشتاين نفسِه، وقد عرفتُ لاحقاً أنَ لديهم كتباً مُترجمة لستيفن هوكنغ، لكن أحبطني جداً أني لم أرَها عندما كنتُ هناك.

عدا عن ذلك، كان المعرضُ، مثله مثل غيره، مليئاً بالمنشورات الرّديئة والطبعات الكارثية التي لا داعي للحديثِ عنها. كانت هُناك كثرةٌ ملفتة بالأجنحة المُوجّهة للأطفال، كما صادفتُ عدداً لا بأسَ به من المكتبات المُتخصّصة باللغة الإنكليزية، وبعضُ هذه كانت لديها كتبٌ ممتازة جداً وددتُ اقتنائها، مثلَ "Guns, Germs, and Steel" لجارد دياموند والذي ساورتني رغبة جامحة بشرائه، لكنَّه طويلٌ جداً كي أقرئه بلغُةٍ غير لغتي الأم.

على العُموم، فيما يلي قائمة مُشترياتي:

كتبٌ علميّة مُبسَّطة، لكن ليست للأطفال أو الناشئين بل للبالغين. الطّباعة فاخرةٌ للغاية، والمواضيعُ شيّقة، والإخراج رائع. يبدو أنَّها بالأصلِ موسوعة فرنسيّة:

من أشهرِ كتب الحرب في تاريخ البشرية، ألَّفه جنرالٌ صيني قبل ألفي عام. وددتُ اقتنائه مُنذ فترة لكن معظم الطبعات التي صادفتُها كانت كارثية.

أنا عاجزٌ عن الكلام... دُرّة المعرض كُلّه، كنزٌ حقيقي أفضلُ من صندوق من المجوهرات. بغضّ النظر عن انطباعك الأخلاقي عن هذا الشّيء.. فهو - من دون ذرة شكٍّ - واحدٌ من أعظم الأعمال الأدبية التي أنجزتها يد الإنسان عبر التاريخ بأكمله. أنا فخور بأنَّه دخلَ مكتبتي أخيراً (كانت لديّ ثلاثة أجزاء بالإنكليزية مُنذ فترة، لكني لم أقرئها لطُولها الشديد وصعوبة قرائتها بلغة أخرى).

لفتَت هذه الروايات نظري كثيراً، بعد تصفّحها بسُرعة شعرت أن قرائتها ستكونُ تجربة فريدةً وممتعةً جداً، فهي غير اعتيادية بالمرّة. هاتان الروايتان ليستا سوى أوّل جُزئين من حوالي 40 جزءٍ آخر يروون قصّة مجموعة من عشائر القطط التي تخوضُ حروباً وصراعات شرسة بين بعضها البَعْض. للاطّلاع:

لا أعرفُ الكثير عن هاتين القصّتين، لكن سبب شرائي لهُما أن كليهما من مُؤلّفَيْن حاصلين على جوائز نوبل في الأدب، وإحدى أهدافي في الحياة أن أقرأ لأكبرِ عددٍ ممكنٍ من مثل هؤلاء الأشخاص. الأرضُ الطيبة (The Good Earth) تعودُ لكاتبة أمريكية قضت مُعظم حياتها في الصّين، وأما العاصمة القديمة (The Old Capital) فهي قصّة اجتماعية تدورُ أحداثها في اليابان.

من أمَّهات الكتب التي وضعها الفلاسفة القدماء، جلبتُه من باب الاطلاع بالدّرجة الأولى.

كتابٌ حديث عن نظريّة التطور، يبدو جيّداً للغاية، أرجو أن يوسّع اطلاعي ومعلوماتي عن النظرية، خُصوصاً أنَّ نصف أقربائي يَعشقُون مناقشتي فيها.

الخاتمة للأفضل... لم أسمَع بوجود هذا الكتاب سوى حديثاً، وكانت سعادتي غامرةً بأن وجدتُّه مترجماً. إنَّ مُبتكر النظرية النسبية، ألبرت آينشتاين، هوَ نفسُه صاحب هذا الكتاب، وقد ألَّفهُ خصيصاً كمُقدّمة مُبسّطة تساعد الأشخاص غير المُتخصّصين والمساكين - من أمثالي - على استيعاب نظريّته المبهرة. للاطلاع: