قرأت مؤخرًا سيرة المهاتما غاندي في كتابه قصة تجاربي مع الحقيقة.. مما شدني في شخصيته صدقه وصراحته مع نفسه.. أُعجبت بحرصه على محاسبة نفسه في كل شيء وبحسن ظنه في الآخرين وبتمسكه بمبادئه وحفاظه على البر بوعده حتى في أصعب الظروف! ومن المواقف التي أذكرها في هذا الصدد:

  • عندما سافر إلى لندن للدراسة قطع عهدًا على والدته بألا يأكل اللحم -حيث أنه محرّم في الهندوسية- وقد واجه صعوبات كثيرة فمعظم الطعام يحتوي على اللحم، لذا كان يتحمل الجوع نتيجة ذلك، وعندما حاول أحد أصدقائه أن يثنيه عن ذلك قال: أخذت على نفسي عهدًا مقدسًا أمام والدتي ألا أقرب اللحم، ولذلك لا أستطيع حتى التفكير في تناوله. وإذا وجدت استحالة العيش في إنجلترا دون تناول اللحم، فسأفضل وقتها العودة إلى الهند..

  • عندما كان في المدرسة كانت دروس التربية الرياضية في المساء وكان غاندي يعود بعد فترة الصباح للمنزل ليعتني بوالده.. ولكنه ذات يوم لم ينتبه للوقت وتخلف عن الدرس وقد شرح للمعلم السبب لكن لم يصدقه مما أدى إلى أن تُفرض عليه غرامة، وقد بكى بكاء شديدًا ليس بسبب الغرامة ولكن لأنه اتُّهم بالكذب وقد آلمه ذلك بشدة!

وهناك مواقف أخرى كثيرة لا يسعني المقام بذكرها..

كان غاندي يسعى في حياته إلى الإصلاح ولكن عن طريق السلم، لقد قام بمقاومة العنصرية ضد الهنود في جنوب أفريقية بأسلوب "اللاعنف".. ذات مرة قال له جنرالًا لا يحب الهنود: إنك تساعدنا في وقت الحاجة فكيف نفكر في أن نقبض عليك أو نأسرك.. إنك تحض على ترك العنف وتوصي بعدم فعل الشر حتى بالأعداء.. وتراعي في خطتك حدود الآداب المرعية والبسالة وهذا ما يوقفنا موقف العاجز مكتوف اليدين..!

كان غاندي مؤمنًا بوجود الله -حسب ديانته الهندوسية- ولكنه كان يقرأ في الأديان الأخرى بحثًا عن حقيقة الإله.. كان يفوّض أمره إلى الله ويثق به في مواقف كثيرة، كما أنه كان يصوم ليكفّر عن خطأ ارتكبه أو ليروّض نفسه، كذلك كان يشعر بالعار من شهوته ورغباته الجسدية وقد سعى جاهدًا للتخلص منها.. برأيي كان ينقصه الإسلام الذي يدعو إلى الموازنة بين الروح والجسد.. أظن أنه لو اعتنق الإسلام سيصل إلى السلام الداخلي..

عمومًا هذا جزء مما أذكره حول شخصية غاندي.. وأنصح بقراءة سيرته الذاتية في كتابه "قصة تجاربي مع الحقيقة" أعتقد أنه ممتع.. خاصة لمن يحب كتب السيرة الذاتية والروايات :)