الكافُ على طاولة مشرحة لم يعرفها لوتريامون / كتاب الكترونيّ

يشق عليّ فعلاً كتابة هذه السطور، وعادةً لا أكتب مراجعات للكتب التي أقرأها، لكن أعتقد أنها شهادة حق يجب أن أكتبها لسببين: أولاً لإحساسي بالتقصير تجاه الكتّاب العرب الجدد إن صحّ التعبير، ولإثراءك معلوماتي ثانياً.

الكتاب استفزازي بشكل كبير بالنسبة لي، كأنه يقول لي: هه أنت، نعم أنت، يوجد كل هذه الكتب التي لم تطالعها ولا تعرف الشيء الكثير عنها والتي سأرميها الآن بوجهك، والجهل بالشيء أكثر ما يدفعني للقراءة، لدرجة أن العنوان أكثر ما استفزّني لقراءة الكتاب...الكتاب غني فعلاً بالمعلومات بحوالي 90 صفحة تحدّثت عن أسماء وكتب كثيرة تحتاج ضعف وقت قراءة الكتاب لقراءة شيء بسيط عنها، أعجبني مدحك لغوغول، وصادف أن جرى معيّ نفس الأمر، حيثُ قرأتُ المعطف لشهرتها أولاً، ثم اشتريت النفوس الميتة بعدما صادفتها مغبّرة بأحد المحلّات، رغم أنني لم أكن أعرفها يينها، وأُعجبتُ بها كثيراً، يُعجبني كيف تنتقد وتمدح الكتب والكتّاب ولا تُجامل، ليأتي الكتّاب ذوي المشاعر المرهفة ليحذفوا صداقات إلكترونية على إثر بعض الإنتقادات! معلوماتي عن المسعودي ضحلة، ومع ذلك يحفّزني اهتمامك بكتابه المفقود أن أقرأ مروج الذهب، رغم أنني فهمت أنه مؤرخ جغرافي، فأستغرب وجود روح أدبية تُعجبك بكتابات يغلب عليها طابع التأريخ الجغرافي، وأعزو ذلك إلى جهلي بالكاتب وكتاباته مبدئياً. دعني أقول أن الأسلوب ممتع فعلاً ويقيك من الملل، فغالباً لن تقوم قبل الإنتهاء من الكتاب وأنت تحاول عدم نسيان الأمور التي ستبحث عنها لاحقاً. وكحال أي كتاب، يوجد جوانب لا أتفق معها كثيراً، لكن مهما كان موضع اختلافي، إلّا أن اللهجة الموضوعية الموجودة بالكتاب والنقد البنّاء، يجعلني أحترم المكتوب رغم اختلافي. آخيراً، أحزنني ما قرأته بنهاية الكتاب، عن الرفض الذي تلقيّته أكثر من مرّة وإن كان إصرارك مُلهماً، وأتمنى أن يكون الوضع الآن مختلفاً عمّا كان عليه، وأعتقد أنني سأقرأ يوماً ما عملاً كبيراً لك، حتى يسألني أحدهم من تعرف أديباً كبيراً من الجزائر؟ فأقول: يونس بن عمارة.