ربما من أشهر ما عُرف وقيل عن د. مصطفى محمود هو أنه كان مفكرًا ملحدًا أو ألحد في فترة ما من حياته، وما زال يردد بعض الناس هذا الكلام حتى الآن باعتباره حقيقة وأنه ألحد ثم عاد لرشده، وهذا الكلام عارٍ من الصحة تمامًا، ففي بداية النسخة التي لدي من كتاب الوجود والعدم هناك حوارًا مكتوبًا بين د. مصطفى محمود و د. هيفاء السنعوسي سألته خلاله العديد من الأسئلة الهامة، وقد سألته بشكل صريح:

هل مررت فعلًا بمرحلة إلحادية أنكرت فيها وجود الله؟
فقال متحمسًا:
لا. على الإطلاق. لم يحدث هذا الشيء أبدًا.

ها هو ذا د. مصطفى ينفي عنه التهمة التي التصقت به لسنوات طويلة في حياته وبعد مماته، وكل هذا لماذا لأنه مُفكر! وكأن التفكير قد أصبح تهمة خطيرة ومن يمارسه ويتجرأ على التفكير خارج الصندوق أو التساؤل عن أسئلة وجودية شغلت الإنسان منذ قديم الأذل كمن أين جئنا؟ وأين سنذهب بعد الموت؟ وما هو الموت؟ ومن خلقنا؟ ومن الله؟ وكل هذه الأسئلة القديمة بقدم الإنسان الحديثة مع كل جيل وكل فرد.

فتهم مثل الإلحاد والزندقة تهم يتم إصدارها بشكل شبه فوري لكل من يحاول التفكير والتوصل لإجابات تشفيه وتطمئن قلبه ويشاركها مع غيره لتفعل نفس الشيء معهم، فبدلًا من أن يُقدر المجتمع جهود المفكرين ويحاول تقديم الدعم أو التوجيه في حالة وجود بعض الأفكار الخاطئة أو الإجابات المنقوصة التي قدمها المفكر يثور الناس ضده وتُقام دعاوي قضائية ومنع نشر وتداول لأعماله، وربما السجن أو دعوات بالقتل وإهدار دمه! وكأن العقل والتفكير في مجتمعنا العربي قد أصبح بُعبعًا يجب القضاء عليه!