أكره نفسي ! مصطلح يتكرر على مسامعنا بكثرة، و هو ما أثار اهتمام الكاتب ياسر حارب و دفعه إلى تناول هذا الموضوع في كتابه بيكاسو و ستاربكس .

ما الذي يدفع الإنسان لكره نفسه و التصريح بذلك علناً؟ و كيف نواجه هذه المشاعر التي قد تنتاب أي شخص منا في فترة حرجة قد يمر بها .

نعيش حياة متسارعة في وتيرتها، نقوم بكل شيء على عجل، و دون أن نصرف شيئاً من المشاعر، فلا وقت لنا للتلذذ بالطعام، و لا للإستمتاع بالعمل و لا للراحة في العطلة، إننا حتى لا نملك الوقت الكافي لإتمام قراءة مقال أو كتاب ، و يتكرر هذا الروتين كل يوم .

يقول حارب : "يكره الإنسان نفسه لأنه لا يعرفها"، نعم نحن مشغولون حتى عن معرفة أنفسنا، إننا لسنا متأكدين تماماً مما نحب و نكره ، و لا من أهدافنا في الحياة، و لسنا متأكدين إن كانت هذه الحياة التي نراها مناسبة لنا، و لا إن كان هذا هو العمل الذي حلمنا به .

إلى جانب التوتر و العجلة التي تلف حياتنا، يوجد شعور دائم بداخلنا أننا مقصرون، نجري وراء تحقيق أهداف لا نعلم ما هي .. لماذا تعمل ؟ لأنجح، و ما هو النجاح ؟ أن أحقق طموحي، حسناً .. ما هو طموحك ؟ أن أنجح ! كأننا نجري داخل دائرة مفرغة ، لا نهاية لهذا الدوران سوى الموت ، بلا وجهة نوجه جهودنا للوصول إليها .

نمضي تحت شعارات جوفاء كالنجاح و الاجتهاد ، و لا نعي معانيها و لا حتى الغرض منها.

أحد الأسباب التي تجعلنا نبتعد عن أنفسنا و لا نفهمها هي التكنولوجيا، فمن منا لا ينسى نفسه أمام الكمبيوتر أو الهاتف ؟ ننخرط في عالم افتراضي و نتقمص شخصية قد لا تشبهنا و نقضي ساعات طويلة على تلك المواقع نتواصل مع شخصيات وهمية هي الأخرى ، حتى ننسى أنفسنا و العالم الخارجي الذي نعيش فيه .

و بدلاً من مصادقة أنفسنا نسعى لإستعبادها، التحكم بمصيرها و فرض أمور لا تشبهها فقط لإرضاء القالب المجتمعي الذي وضع لها و لغيرها ، فنسلبها حرية الإختيار .

 السؤال الذي يراودني هنا، كيف نتخلص من هذا الكره، أو بشكل آخر كيف نحب أنفسنا ؟

برأيي لكي لا نصل لمرحلة كراهية النفس، لا بد لنا أن نبحث عنها و نكتشفها، أن نطورها لنسمو بها، و الأهم من ذلك أن نتصالح معها

وأنت ما رأيك؟ هل حملت يومًا ما الكره تجاه نفسك؟