من مِنّا لا ينسى ما يقرأه، من مِنِّا لا يعيد محاولة تذكر ما قرأ عنه، من مِنّا لم يجرب أن يحفظ بعض المقولات إلا أنها مع مرور الوقت تتلاشى من مخيلته، من منا لم و لم ...، كثير, هي الأسئلة أو الأوهام التي نتخيلها عندما نقرأ أو حتى فور إتمام قراءاتنا، وربما أحيانًا قد نعتقد بأننا نشيخ في عمر الشباب أو أصبنا بمرض الزهايمر بمجرد ما نتعرض له، والأكيد أنك بعد10 دقائق من إتمام قراءة هذه الكلمات، ستنسى عن ماذا كان حديثنا.

شخصيا، كثيرًا ما أعاني من هذه الظاهرة، قد أجد نفسي أتذكر بعض التفاصيل التي تطرق إليها الكاتب، وأنسى فكرته الرئيسية، كنت أجاهد نفسي لإتمام الرواية في يوم واحد، خوفًا من تركها لليوم الموالي وأنسى الأحداث الواقعة، خصوصًا عندما تكون القصة في ذروتها، كلما ارتفع فيها منسوب التعقيد، زاد التشويق الذي لابد أن يعاش في لحظته.

ذات مرة حاولت أن أبحث عن خطوات عملية مساعدة لتذكر ما قرأته، وفي عملية البحث وجدت للعلم تفسيرًا لهذه الظاهرة التي أطلقوا عليها اسم "منحنى النسيان" الذي فسره عالم النفس الألماني هيرمان حيث أفاد بأن النسيان لا يحدث دفعة واحدة وإنما على مراحل أي بمجرد تعلم المعلومات يدخل المرء فورًا في مرحلة نسيانها، ومحاولة التذكر بعد التعلم مباشرة لا تنجح كما هو المتوقع من الكثيرين، حيث يتذكر المرء قليلًا مما تعلمه في اليوم التالي للقراءة ويتذكر أكثر من ذلك في الأيام القليلة التالية، ولهذا ستكون محاولة التذكر في اليوم التالي مجرد مضيعة للوقت. وما وصل إليه العالم في الأخير بأن التباعد بين الأوقات وتقسيم كمية المعلومات المراد دراستها يُفيد في محاولة تذكرها بشكل أفضل، وليس هكذا فقط وإنما أيضا من خلال عملية التكرار تساعد في التذكر المعلومة وترسيخها في الذاكرة.

لكن ماذا لو قلت لك بعد ما بحثت عن تلك الطرق العملية المساعدة حتى لا أنسى، بدأت أتعمد لنسيانها، كيف؟ النصوص التي تبقى حاضرة أمامنا ستجعلني أسيرة لها، وأحيانا مقلدة لمضمونها، وأي مواقف نتعرض لها نتذكر ما قرأنا عنه ونطبق وفق ما جاءت به تلك القصص، ولن نلامس شخصيتنا والواقعية التي نعيشها، فالعقلية الناقدة المستقلة تتشكل بالمعلومات التي قرأنا عنها وتحليلنا لها بعد ذلك، وليس بإعادة تشكيلها في حياتنا.

وماذا عنكم يا أصدقاء، مما لاشك فيه أنكم مررتم بظاهرة النسيان خلال قراءتكم، لذا ما طرق العملية التي ساعدتكم في محاولة تذكر؟