منذ صدور كتابه الأشهر على الإطلاق "شيفرة دافنشي"، أصبح دان براون واحدا من أكثر الكتّاب مبيعا لكتبهم في العالم والتي تعدّ بالملايين، مع حصول كتبه القديمة خاصة "ملائكة وشياطين" على اهتمام أكبر من الناس وحظيت كتبه الجديدة بتغطية اعلامية كبيرة قبل وبعد الصدور.

ركّز براون على نمط واحد في كل رواياته أين خصّها بالحديث عن المنظمات السريّة (الموجودة على أرض الواقع)، وكذلك الرموز والأيقونات الدينية التي تحمل الكثير من الألغاز القديمة التي تعود إلى خلفيات منشئي هذه الأيقونات بغرض إيصال رسالة ما، خاصة وأن أهم المبدعين الذين يتحدث بروان عنهم، كانوا مثقفين متنورين يعيشون في بيئة تمنع عنهم حرية التعبير، فوجدوا في أعمالهم بابا لإيصال بعض الأسرار أو الأفكار أوالعقائد الخاصة بهم من أمثال بوتشلي ومايكل أنجلو ودافنشي وموزارت وكثير آخرون. وقد اعتمد براون على سرد الأحداث المشوقة لحل هذه الألغاز في ظل جريمة تقع فجأة، ويحلّها البروفسر لانغدون رفقة فتاة ما في كل رواية مما جعل من هذه النقظة بالذات صبغة 'براونية' لأحداث فك جريمة ما، مثلها مثل الصبغة الخاصة بالسير كونان دويل الذي يرفق هولمز بالطبيب واتسون في كل مرّة.

وقد لفت بروان الأنظار حتى آخر رواية له موجّهة للبالغين، الأصل. والتي وعى حق الوعي بأن ما في جعبته من أسرار لكشفها (مثلما فعل في ملائكة وشياطين والرمز المفقود وشيفرة دافنشي) قد نفذ. ويمكن ملاحظة ذلك بنسبة اقل في روايته الجحيم، التي اكتفى بتحليل الأيقونات المتعلّقة بجحيم ألغيري وملحمته الأكبر على الإطلاق "الكوميديا الإلهيّة".

في رواية الأصل، أدرك بروان أن غياب عنصر الكشف عن الأسرار القديمة التي يفضّلها القرّاء في رواياته والتي هي سبب نجاحها، أدرك بأن غياب هذا العنصر سوف يفقده قرّائه، فلجأ إلى خدعة ذكيّة جعلت من القرّاء ينجذبون إلى قراءة الكتاب حتى آخره لمعرفة الإجابة عن السؤال "من أين أتينا وإلى أين نحن ذاهبون؟". خاصة وأنه هوّل من الأمر بحيث جعل رجال الدين الثلاثة يفقدون صوابهم بسبب ما كشفه العالم كيريش منذ بداية الرواية. وقد ظهر تضخيمه للسؤال بغرض إثارة فضول القارئ عندما وصف الحاخام وهو في مكتبه يقلّب سفر التكوين وقد استولى عليه الفزع. ليظهر في الأخير أن الحواب عن ذلك السؤال الكبير عبارة عن فرضيات لا أكثر. فرضيات اعتاد بروان على سردها منذ بداية رواياتها القديمة أين كان يخصص الجزء الأخير لكشف الأسرار القديمة.

سقط براون في فخ الركاكة أخيرا، ومع ذلك يُحسب له هذه المرّة تنحيته لكثير من الحشو الذي اعتاد القرّاء عليه في رواياته.