عن نفسي ، لا يسعني إلا التفكير في ذلك الكتاب الشاحب الباهت الذي وجدته في رفوف مكتبة الثانوية الكئيبة ، و من مئات الكتب التي تصطف مرتبة احيانا و مبعثرة أحيانا أخرى ، شدّني هذا الكتاب إليه ، و لعل ذلك يعود إلى طبعته القديمة التي كانت تحرك شيئاً ما في داخلي ، و غلافه المتهالك الذي فقد ألوانه بتأثير الزمن و النقل المتكرر ، و طبعا صفحاته الخشنة التي تلونت بالبني الفاتح. و رائحته العتيقة المغرية . - نعم شممت الكتاب - . أتذكر انني إستعرت الكتاب و كلي شوق و إنتظار لأصل الى البيت لأقرأه ، و هذا ما حدث قرأت الكتاب في جلسة واحدة ، آلمني ظهري بعد أن قمت منها ، و رغم ان الرواية كانت طويلة نسبيا - تقريبا 350 صفحة - غير أن استمتاعي و حماسي لهـا كان أشّد عِناداً . رواية السأم لألبرتو مورافيا كانت من أكثر الروايات التي ترسبت في ذهني و ارتبطت بي و لا زلت حتى الآن بعد ان تخرجت من الثانوية فالجامعة بعدها أذكر تفاصيل الرواية ، شخصياتها و مواقفها و أحاسيسهـا ، و طبعاً احساسي أنا مع كل صفحة ، فعلا العمل رغم بساطته أثّر فيّ و بعمق ، و على المدى الطويل .