عندما أراد الدكتور النفسي محمد طه أن يؤلف كتابًا عن (علاقات خطرة) رأى أن يضع أول مقال عن علاقة الإنسان بجسده، في إشارة منه إلى خطورة هذه العلاقة عن غيرها، وأن علاقة الإنسان بجسده الذي يمثل جزءً من نفسه هي الأهم، ووضع لها عنوان (اسمع جسمك).

كيف استمع إلى جسدي؟

إنه في مجتمعاتنا التي تتميز بالتحقير والسخرية من المشاعر الإنسانية الرقيقة، تُكتم هذه المشاعر، ونُحرم من التعبير عنها، أي التعبير عن الحزن، أو البكاء، أو الحديث عن ما يؤلمنا، لأن هذا سيوضع في خانة (العار)، وأنه سيقلل منا في أعين الآخرين، مما يجعل الجسد يعبر عن هذه المشاعر بطريقته، كأن تزداد نبضات القلب، أو نشعر بألم في المعدة، أو القاولون، أو غير ذلك من آلام وأعراض لا نجد لها تفسير فيثولوجي، ولكن لها تفسير نفسي فيما يُعرف بالأمراض (النفس جسمية).

من هو جسدك؟

يقول (طه) بأنه الوعاء الذي يصب الله روحك فيه، فهو الذي خاض معكَ كل حروبك، علم معك وعلم عنك، وتأثر بكل شيء تأثرت به، ومثل هذا يجب أن يجعلك تحب هذا الجسد، أيًا كان مظهره، ومهما كانت ملامح الوجه، إذ لا ينبغي أن تضع له شروطًا كي تشرع في إظهار الحب لذلك الجسد، لأن هذا سيزيد من ثقتك بنفسك ويعزز من راحتك وتعافيك النفسي.

ثم يؤكد الدكتور على فكرة أننا إذا تصالحنا مع أجسادنا سيسهل علينا تغييرها، أي إذا كنا نعاني من السمنة أو النحافة، سيكون من الأسهل علينا أن نكتسب جسدًا جذابًا إذا كنا نحبه، لأننا سنكون متصالحين معه، لا ننتظر (بفارغ الصبر) أن يتغير لأننا نكرهه، فهذا الانتظار والكره هو ما يمنعنا من استكمال أنظمة الحمية والرياضة، في حين أن حبنا لأجسادنا سيجعلنا نحب ما هو نافع له، وأن نبذل المجهود من أجله.

ومن هنا وجب علينا الاستماع إلى آلام جسدنا، وأن نتفهم لماذا يؤلمنا، لأنه يؤلمنا كإشارة تنبيه إلى وجود (أشياء خطرة) تؤثر على صحتنا النفسية، فننتبه نحن لهذه الأسباب، ونضع لها حدًا على الفور.

فهل سبقك لك أن تلقيت إشعار تنبيه من جسدك؟