إننا نعرف الكثير من الشعراء والكتاب الذي قتلوا بسبب نصوصهم،، فبعض الشعراء مثلا على غرار المتنبي ومظفر النواب، وأحمد مطر يعتبر شعرهم من أبرز أسباب موتهم أو قتلهم واغتيالهم، وما شعر اللمعيات بغائب عن فضاء القتل هذا، واللمعيات يقصد به الشعر الذي يجمع بين اللغة العربية ولغة أخرى كالفارسية والتركية مثلا لأنهما من أقرب اللغات إلى العربية، وهي التي تساعد على نقل الفكرة بشكل أفضل.

من اللمّعيات المشهورة جدا هي لمّعية نسيمي عماد الدين، وهو متصوف وفيلسوف ولد بأذربجان في لقرن الرابع عشر سنة 1370م، ونسب إلى نسيم وهي مدينة ببغداد في قولنا نسيمي، لكن هذا النسب بسبب ما قضاه فيها من وقت في التعلم لا لأنه ولد بها، وقد أجاد نسيمي التركية والعربية والفارسية، كما يعتبر من الناحية الصوفية امتداد لمدرسة الحلّاج، إلا أن نسيمي انتمى لمذهب صوفي متطرف يسمى" الحروفية" الذي أسسه فضل الله الاسترابادي ( والد زوجة النسيمي)، ويقوم المذهب على أن الحروف هي عين الآدميين وأن فك أسرارا الكون يكون بفك الأسرارا الباطنية الموجودة في الحروف.

وقد قتل الاسترابادي بسبب هذا المذهب واتهم بالزندقة، مما دفع النسيمي إلى الهجرة إلى بلدان عديدة، واستقر به الحال في حلب التي كانت بيبد المماليك آنذاك، فخافت السلطة من انقلاب انتشاره الديني إلى مذهب سياسي، فتم قتله بطريقة بشعة، حيث تم سلخه ثم قطع رأسه.

وقد كتب النسيمي كلمات شعرية، غناها سامي يوسف سنة 2019 م، في أغنية نسيمي ( تجدونها على اليوتيوب) ممّا أسهم في تجدّد رواجها بشكلٍ واسع:

أنا أسع كلّ العالمين؛ لكن كلّ هذا العالم لا يسعني

أنا جوهر اللّامكان؛ لأنّه لا الكون ولا المكان يسعني

أنا السهمُ، والقوس أنا

أنا الشيخ، والشابّ أنا

أنا الذرّة، والشمس أنا

أنا العناصر الأربعة، وأنا الحواس الخمسة، والأبعاد الستّة أنا

اعرفني عبرَ صورتك هذه، ولكنّها لن تسعني

وإنّي أسع كلّ العالمين؛ ولكن كلّ هذا العالم لا يسعني

أنا الأشجار التي تشعل النّار

أنا الأحجارُ التي تقدحُ النّار

كلّ شيءٍ موجودٌ في الكاف والنّون

كلّ الموجودات بجملتها فيها

أنت بهذه العلامة تعرّف عليّ

ولكن اعلم بأنّ كلّ العلامات لا تسعني

كل الموجودات أنا، وكل المرايا لا تحتويني

قد أكون اليوم نسيميًا، وقد أكون هاشميًّا، وقد أكون قُرشيًّا

أنا الذي تتجلّى آياتي فيَّ، وكل آياتي لا تسعني

الكون والمكان هي آيتي

وذاتُكَ هي بدايتي

وأنت بهذه العلامة اعرفني، ولكن اعلم أنّ كلّ العلامات لا تسعني

أنا سرّ الكنوز، أنا المحيط، وكلّ الموجود أنا

وإنّ كلّ الكون الأعظم هو ذاتي واسمي

وكلّ هذا الكون لا يسعني

أنا الصّدف وأنا اللّؤلؤ

وأنا المحشر والميزان

أنا الرّحيقُ وأنا السّكّرُ

أنا الشّمسُ وأنا القمرُ

أنا الذي أهبُ النّفسَ والرّوح

وكلّ الأرواح لا تتمكّن من احتوائي

وإنّي أسع كلّ العالمين؛ ولكن كلّ هذا العالم لا يسعني

أنا جوهر اللّامكان لأنّه لا الكون ولا المكان يسعني