مجموعة من الأشخاص يلعبون الورق في قبوٍ ويدخنون السجائر بكثافة قبل أن يقطع صوت ضحكاتهم الصاخبة اقتحام عناصر الشرطة الباب والقاء القبض عليهم.

بمجرد قراءتك هذه العبارة ربما أصبحت لديك صورة في عقلك، فنحن نعلم كيف يبدو القبو السري لأفراد العصابات وندرك كيف تتم المداهمات والمعارك أثناء تدخل الشرطة وحتى قد نكون على دراية بحال شخص اختنق من رائحة السجائر الكثيفة.

وهذا في الواقع ما يحدث عندما نقرأ، فنحن لا نقرأ الكتب لمجرد أن نلقي نظرة على كلماتٍ فارغة، بل نقرأها لنتخيل الطريقة التي يمكن أن تصبح بها هذه الكلمات حوادث وحياة وتجارب حقيقية!

تقول إيلا بيرثود مؤلفة وخبيرة في تأثير قراءة الأعمال الأدبية "إنك ترى الصورة جاهزة عندما تشاهد فيلماً أو برنامجاً تلفزيونياً، بينما الرواية تجعلك تختلق بنفسك المشاهد، لذا هي أقوى تأثيراً، لأنك مشارك فيها"

لكن هل الجميع قادر على تشكيل هذه الصور؟ أتذكر في جلسة لمناقشة كتاب طلب منّا قائد الورشة ترك انطباعنا على ورقة بيضاء عن شكل شخصية كما تم وصفها في الرواية، وجدنا أن كل واحدٍ منّا قام بتصويرها بشكل مختلف تماماً عن الآخر. وهناك شخص لم يتصور أي شيء! وقال أنه لا يعلم كيف يصور شكل الشخصية في عقله، لأنها شيء معنوى وليس حقيقي بالنسبة له..

علمت وقتها أن الأمر يحدث بشكل متفاوت من شخصٍ لآخر، كونك ترى صورة في ذهنك لا يعني بتاتاً أن الشخص الآخر يرى نفسها وهناك من لا يراها على الإطلاق وغالباً ما يكون السبب هو أن لديهم حالة من الأفانتازيا وهي حالة عقلية تتميز بعدم القدرة على تخيل الصور الذهنية طواعية بأي شكل.

وفضولي ما يزال قائماً لأسألك حسب مخيلتك كيف رأيت المشهد الذي ذكرتُه بدايةً وكيف يؤثر خيالك على عملية فهمك وتفاعلك مع ما تقرأ؟