نتكلم بكثير من الأفكار أثناء أحاديثنا اليومية وحواراتنا سواء بشكل واقعي أو عبر ما يشاع من مواقع تواصل اجتماعي أو حتى هنا لأننا ببساطة نميل لأن ننمي ونشيع الفكر الصحيح والمفاهيم المنطقية داخلنا، وفي كثير من الأحيان نقع نحن أو الطرف الآخر المحاور في فخ سوء فهم هذه الأفكار أو عدم صحة الاستدلال إليها.

هنا ننتقل لأهمية فهم المغالطات المنطقية، فالمغالطة المنطقية كما عرفها أحدهم بشكل مبسط هي أنماط شائعة من الحجج الباطلة التي تتخذ مظهر الحجج الصحيحة في سبيل إقناعك بفكرة ما.

فتجد نفسك أثناء حوارك مع شخص حول موضوعٍ ما يبنى أفكاره بإستدلاله بحجج يعتبرها هو منطقية، لكن في الأصل طريقة إستدلاله بها ليست صحيحة البتّة، ولا تدعم بالضرورة صحة فكرته التي يناقشك بها.

من هنا يذهب كل شيء لأصول غير صحيحة في النقاش والحوار، ليطول دون داعٍ ويتنامى بهدف الجدال وليس وضع الفائدة وعمومها، يقول الدكتور عادل مصطفى مؤلف الكتاب إن قوة الفكرة لا تكمن بالأصل الذي ينميها، بل في المنطق الذي يزكيها، وصواب الفكرة لا يحدده مصدرها الذي منه أتت، بل الدليل الذي إليه تستند.

حين أنهيت قراتي للكتاب اكتشفتُ الكثير من الأفكار والطرق الخاطئة التي نستخدمها في النقاش وفي الإستدلال على الأفكار وهذا دَعَم طريقة إستنباطي للأفكار ومصادرها دون التوقف على كثير من الهوامش التي قد تميل برأيي لاحقاً لإحدى هذه المغالطات مثل الحجة الشخصية أو إستدرار الشفقة أو تجاهل المطلوب والكثير من المغالطات الأخرى، حيث يعرض الكتاب ثلاثون مغالطة نستخدمها في حواراتنا اليومية دون إنتباه من خلال ثلاثين فصل بلغة سهلة وسلسة.

إحدى هذه المغالطات البسيطة للتوضيح

"إذا أكلت آيس كريم جالاكسي فسوف يزداد وزنك، وزيادة وزنك باطرّاد تعني أنك تصاب بالسمنة، وما تزال السمنة تتفاقم حتى تموت بانسداد الشريان التاجي، إذن آيس كريم جالاكسي يسبب الوفاة فلا تقربه"

هذه مغالطة منقطية تدعى بـ المنحدر الزلق وهي أنك بفعل شيء ما بسيط تكون قد إنتقلت لسلسة محتومة من العواقب التي ستؤدي بك إلى نتيجة كارثية، لكن في النهاية يبقى ما قمت به (تناول الآيس كريم) أمر بسيط جداً لا يستدعي إنبثاق كل هذه الأفكار الكارثية، وقِس على ذلك جدية الحوارات الأخرى.

وأنت تقرأ هذه المغالطات ستمر على كثير من الحوارات والنقاشات سواء المفيدة منها أو التي إنتهت بشكل عقيم في حياتك، وستقول "ياه! لم أكن أعرف هذا" ولو كنت أعرف أن هذه مغالطة منطقية لكنت وفرت الكثير من الوقت في إعمال الحجة الصحيحة وتعميم الفائدة بدلاً من الدوران في دائرة شبه مفرغة.

يأتي كل هذا اليوم في عصرنا الحالي ضمن سلسة غير منتهية من نقاشات تنتهي بنقد الآخرين لا نقد أفكارهم، لذا هل يمكننا حقاً أن نستسلم ونعترف بهذا، هل تستطيع التخلي عن رأيك إن كشف لك الآخر خطؤه إستدلالاً بإحدى هذه المغالطات؟